الجبهات البحرية تتسع من الأحمر إلى المتوسط.. الموانئ في المعادلة وتجارة الاحتلال معطوبة العصب
تشرين- هبا علي أحمد:
لا يملك كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب من أمره هذه الأيام سوى إحصاء قتلاه بشكل يومي والنظر إلى انتكاسته المرئية للعالم أجمع ولاسيما الحلفاء، وربما عن غير قصد تساهم الولايات المتحدة الأميركية في تعميق الانتكاسات، لأنها هي ذاتها غير قادرة على إنقاذ كيانها المستمر في مكابرته وشهيته المفتوحة للدماء وأمام العالم الصامت أيضاً، وأياً كانت عليه الحال فإن أي مقامرة أميركية هي بالضرورة مقامرة إسرائيلية والرد عليها سيطول الطرفين.. من هنا يأتي أمر تعميق مآزق الكيان، ففضلاً عن السياسية والأمنية هناك الاقتصادية والبشرية، وبذلك يكون المحتل قابعاً بين فكّي العامل البشري والعامل الاقتصادي، بما لذلك من تداعيات كارثية.
أما وأن الكيان لم يرتدع وواشنطن تُشعل الجبهات فإن ذلك ثمنه سيكون عالي السقف مع فتح جبهة بحرية جديدة ثقيلة الوقع على عاتق الكيان المأزوم
الجبهات البحرية تتسع
كانت ومازالت جبهة البحر الأحمر، التي فتحها اليمنيون، بداية الجبهات البحرية بفعلها الاقتصادي المرتد سلبياً على واشنطن و«تل أبيب» وكل من يدعمهما، كأنموذج مُصغر عما ينتظر الكيان إذا تمادى وطال بعدوانه على قطاع غزة المحاصر، أما وأن الكيان لم يرتدع وواشنطن تشعل الجبهات باستهدافات عدوانية على غير ساحة، وآخرها استهداف مقار للحشد الشعبي في القائم عند الحدود العراقية – السورية، وفي جرف النصر شمال بابل جنوب بغداد، أسفر عن ارتقاء شهيدين في حصيلة أولية للغارات الأميركية.. فإن ذلك ثمنه سيكون عالي السقف مع افتتاح جبهة بحرية جديدة (البحر المتوسط) ثقيلة الوقع على عاتق الكيان المأزوم، إذ أكد أمين عام كتائب سيد الشهداء في العراق، أبو آلاء الولائي، أنّه فيما يُعاود الأميركي استهدافه لقوات الحشد الشعبي تمّ الشروع بالمرحلة الثانية من العمليات، التي تتضمن إطباق الحصار على الملاحة البحرية الصهيونية في البحر المتوسط وإخراج موانئ الكيان عن الخدمة، متوعداً باستمرار ذلك حتى فك الحصار الظالم عن غزة، وإيقاف المجازر الصهيونية المروعة بحق أهلها، في حين قال الناطق العسكري باسم كتائب حزب الله العراق، جعفر الحسيني: إنّ المقاومة مستمرة في دك معاقل الأعداء نصرة لأهلنا في غزة حتى تتوقف آلة القتل الوحشية المدعومة أميركياً، ويتم رفع كامل للحصار.
التهديد العراقي يُكرس معادلة الموانئ مقابل وقف العدوان على غزة.. والأكلاف باهظة مع احتمالات اتساع التصعيد من كل الأطراف
معادلة الموانئ
التهديد العراقي من شأنه أن يرفع من منسوب القلق الإسرائيلي المرتفع أساساً من جبهة البحر الأحمر، أضف إلى ذلك أنه يُكرس معادلة الموانئ مقابل وقف العدوان على غزة، أي إن الأكلاف باهظة مع احتمالات اتساع التصعيد من كل الأطراف، بما يهدد على وجه الخصوص تجارة العدو، إذ إنه يسّخر الموانئ البحرية لخدمة تجارته مع العالم، بما في ذلك تأمين الطلب على السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية الأساسية، وبالتالي الجبهات السياسية والاقتصادية في الجنوب والشمال ستكون أكثر سخونة وتشابكاً من أي وقت مضى، وكذلك ستكون انتكاسة الكيان ومعه واشنطن مزدوجة ومضاعفة، خاصة أن مؤشرات الاقتصاد ستبقى رهن الميدان المتسع بشقيه البري والبحري، وبالتالي فقدان عصب التجارة.
أكلاف الشمال
أكلاف جبهة الشمال أكبر من أن تُحتمل، إذ تحدثت تقارير إعلامية عن خسائر القطاعات لدى كيان الاحتلال، إذ يعد القطاع الزراعي أحد القطاعات الاقتصادية المهمة لدى كيان الاحتلال، وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّ الخوف من نيران حزب الله يتسبّب بأضرارٍ مالية مضاعفة، مبيّنةً أنّ الأضرار التي لحقت بـ«مزارعي البساتين» في الشمال غير القادرين حالياً على العمل، تُقدّر بـ 500 مليون شيكل (ما يزيد على 131 مليون دولار).
مؤشرات الاقتصاد ستبقى رهن الميدان.. الجبهات السياسية والاقتصادية في الجنوب والشمال ستكون أكثر تشابكاً.. وانتكاسة الكيان ومعه واشنطن مزدوجة ومضاعفة
أما القطاع الصناعي فقد قالت التقارير إنه وفي ظل التهديد من جبهة الشمال فإن المستوطنين يرفضون العودة إلى المستوطنات في ظل الوضع القائم، وبالتالي ألغيت الآفاق المستقبلية لأي رهان على التنمية الصناعية في المناطق الحدودية، وما يرتبط بها من ازدهارٍ مرتقب على مستوى سكن المستوطنين والحركة الاقتصادية. وبشأن القطاع السياحي فإنّ وسائل إعلام إسرائيلية، تحدّثت عن ضربةٍ قوية تلقّاها في أعقاب الحرب على قطاع غزة، وأكّد موقع «القناة 12» أنّ الأضرار التي ستلحق بالسياحة ستكون طويلة المدى، مشيراً إلى أنّه حتى مع انتهاء الحرب فإنّ الناس في العالم سيختارون أماكن أخرى أكثر أماناً حالياً.
لا سبيل إلا بدفع الثمن
أمام واقع الميدان فإن الخلاص الذي يُنقذ كيان الاحتلال هو دفعه الثمن إن أراد استعادة أسراه لدى المقاومة، ولا سيما أن تحقيق أهداف الحرب بات من الماضي وصار من المضحك الحديث عنها، إذ أشارت صحيفة «هآرتس» إلى حديث رئيس أركان جيش الاحتلال غادي أيزنكوت، الذي نفى فيه أي إمكانية لتحرير الأسرى من خلال عمل عسكري، مشدداً على أنه «من المستحيل إعادة المخطوفين أحياء في المستقبل القريب من دون صفقة»، واعتبر أن «كل من يقول غير ذلك يبيع الجمهور الإسرائيلي كذباً».
وحسب «هآرتس» فإن الخسارة القاسية لكثير من الجنود في يوم واحد، معظمهم من جنود الاحتياط وبينهم آباء، ستؤثر سلباً في «المزاج الوطني»، الأمر الذي قد يدفع إلى انحياز في الرأي العام لمصلحة الحلول البديلة، بدلاً من استمرار الحرب تحت أي ظرف من الظروف».
جرائم لا تتوقف
بالتزامن تواصل الصهيونية جرائمها في قطاع غزة المحاصر، إذ استشهد عشرات الفلسطينيين وأصيب آخرون من جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة لليوم الـ110، واضطر الأهالي لدفن جثامين الشهداء في ساحات المشافي بسبب حصار الاحتلال وقصفه المستمر لخان يونس.
وارتفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول الماضي إلى 25490 شهيداً و63354 جريحاً، أغلبهم من النساء والأطفال، إضافة إلى آلاف الضحايا الذين لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات، حيث لا يمكن الوصول إليهم.