مؤتمر دافوس الاقتصادي وإعادة بناء الثقة وأسعار النفط..!
يعتبر مؤتمر دافوس الاقتصادي من أهم المؤتمرات الدولية منذ تاريخ تأسيسه سنة /1971/ من قبل الدكتور الاقتصادي السويسري (كلاوس شواب) ويقال إنه مؤسسة غير ربحية، ولكن يسمح للشركات بالانتساب إليه إذا كان دخلها السنوي/مليار دولار/ وأكثر، ولكن بعد أن تسدد رسم الانتساب /12500/ دولار؟! وتوسع المنتدى وافتتح مكتبين سنة /2006/ في كل من (نيويورك وبكين)، وتأتي أهمية المؤتمر الحالية من أنه يأتي بعد تفاقم الأزمات العالمية بشكل كبير منذ /3/ سنوات أي من سنة /2021/، وقد حضر فعالياته الكثير من قادة دول العالم وشخصيات عالمية وتأكد حضور /60/ رئيس دولة وحكومة ومؤسسات ومنظمات دولية وفعاليات اقتصادية وكبار المصرفيين وأكثر من /1600/ من رجال الأعمال ومنهم /150/ من المبتكرين العالميين ورواد التقنية وحظي بتغطية إعلامية كبيرة، واتخذ المنتدى اسماً له من تاريخ تأسيسه حتى سنة /1987/ اسم (منتدى الإدارة الأوروبية) ولكن غير اسمه لاحقاً إلى (المنتدى الاقتصادي العالمي) ويطلق عليه تجاوزاً مؤتمر (دافوس) نسبة إلى مدينة (دافوس) السويسرية، وعادة يعقد المنتدى مؤتمره السنوي في شهر كانون الثاني من كل عام وفي هذه السنة عقد مؤتمره من تاريخ 15-19 /1/2024 أي لمدة /5/ أيام، وكالعادة تمت مناقشة أهم المشاكل العالمية وخاصة الاقتصادية بهدف معالجة الأزمات العالمية، وخصص أغلب جلساته الحالية لمناقشة مشاكل: الذكاء الصناعي والبيئة والنمو الاقتصادي والأزمة الطاقوية والحرب في أوكرانيا وغزة وأزمة المناخ العالمية والديون العالمية… الخ، وركز بشكل خاص على الأزمة النفطية المرتبطة بزيادة التوترات الجيوسياسية والتي ستساهم في زيادة حدة (الركود التضخمي) التي تعاني منها أغلب دول العالم حالياً، وبرأينا ستستمر الأزمة طويلاً بسبب تهديد ممرات التجارة العالمية البحرية وتعثر سلاسل الإمداد العالمية وغيرها، وعبّر عن هذا رئيس المنتدى السيد (بورغة برندة) بقوله: الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الصراعات العنيفة بلغت أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية، وأكدت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية WTO السيدة (نغوزي أوكونجو – إيويالا) بأنها أقل تفاؤلاً بخصوص وضع التجارة الدولية بسبب تصاعد وزيادة التوتر الجيوسياسي وأن أسعار السلع والخدمات سترتفع وقد تراجعت التجارة الدولية خلال هذه الفترة القصيرة بنسبة /1،6%/ بسبب زيادة الأعباء والتكاليف من نقل وشحن وتأمين وتفريغ وطول مدة وخلل في سلاسل التوريد…الخ، وتراجع عدد الناقلات النفطية، وأكدت صحيفة (وول ستريت الأمريكية) مؤخراً على أن “الدعم الكبير المُقدم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرهما إلى «إسرائيل» (الكيان الصهيوني) في عدوانه على غزة سيكون له تكلفة كبيرة وباهظة الثمن على التجارة العالمية”، حيث اهتزت السلع المرتبطة بتدفقها عبر البحر الأحمر، ولاسيما أنه يمر من السلع والخدمات عبر البحر الأحمر والبحر العربي ومضيق هرمز أكثر من /20/ مليون برميل يومياً بنسبة /25%/ تقريباً من احتياجات السوق النفطية العالمية، وستستمر الأزمة أيضاً بسبب زيادة حدة التوترات في البحر الأحمر ومنطقة الشرق الأوسط ومضيق هرمز وباب المندب والحرب الروسية الناتوية على الأرض الأوكرانية…الخ.
وعملياً بدأت أسعار النفط بالارتفاع من بداية سنة /2024/ وزادت مع العدوان الأمريكي- البريطاني على اليمن، وأمام زيادة هذه المشاكل اتخذّ منتدى دافوس شعاراً لمؤتمره بعنوان (إعادة بناء الثقة) ولاسيما بعد أن زادت أسعار النفط الحالية بنسبة /3،16%/ وللعقود الآجلة /4،1%/ وتجاوز سعر البرميل الواحد /80/ دولاراً، والأجواء العالمية مهيأة لموجة جديدة من ارتفاع الأسعار ولاسيما بعد تصريح (وكالة الطاقة الدولية) بأن الطلب العالمي على النفط سيزداد قريباً بحدود /1،2/ مليون برميل يومياً، وتتوقع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) نمو الطلب/2.25/ مليون برميل يومياً في 2024، وسيصل حجم الطلب إلى حدود /104/ ملايين برميل يومياً. وبرأينا إن حالة (عدم اليقين) تسيطر على سوق النفط، فبالإضافة لما ذكرنا أعلاه فإن سوق النفط العالمية تتأثر بعدة عوامل أخرى أيضاً ومنها مثلاً معدل النمو الاقتصادي العالمي وخاصة في أمريكا والصين والهند، وواقع العرض الكلي والطلب الإجمالي على سلعة النفط ومعدل أسعار الفائدة وتموجات أسعار الصرف العالمية وموقف مجموعة دول أوبك بلاس+… الخ.
وهنا نسأل، بل نتساءل: هل يحصل شيء ما يعيد التوازن للاقتصاد العالمي هذا ما أتمناه ولكني لا أتوقعه وخاصة مع زيادة بؤر التوتر والنزاعات الدولية وحقد قوى الاستكبار العالمية والغطرسة الصهيو- أمريكية وتغير المعادلات الدولية وفق مؤشر القوة الاقتصادية والسياسية.