هلوسات.. الفيل الأزرق!
(بين الحياة والموت باب مفتوح، وبين الموت والحياة.. قرار) انتونيو فونتين
– من أنت؟
– غريب..شبح.. كرة تتدحرج على خطوط الطول والعرض التي باتت كموح البحر لا ترسو على شاطئ..
أنتظر أن ينتهي السراب ويعود النور إلى النظر..لأبصر ما وراء تلك الحجب..؟
– هل تراه.. إنَّه ظلك..! ينادي ولا يسمعه أحد.. الكلُّ في برجه وهو على هامش الكرة الأرضية..
يتكئ على خيبته في حسرة.. وغفلة من أولي الأمر وأصحاب التواقيع الخضراء.. الأطفال نيام وفي كثير من الليالي جياع ..البرد يجثم خلف الباب.. والبيت يحتاج فوق السقف إلى سقف يقيه من الزرابيب
مطر.. مطر.. مطر.. والنار مطفأة والأغطية قصيرة..
المحفظة فارغة.. وكلُّ شيء سعره إلى ارتفاع إلّا ذلك التعيس..
كل يوم في حال.. ديون, وأمراض وهموم وأحزان…الطبيب يضع يده على الجيب، والصيدلي يرتب الأدوية على الرفوف حسب نشرات الأسعار..
يجر الأذيال.. لحضور ندوة ..احتفالات وخطابات وثناءات، شعر وفكر وفخر.. وكلمات قليلة لرثاء الأموات وحين يأتي دوره بالكلام يختفي خلف ظله.. ويتلعثم بأبيات أبي سلمى: سئمت تكاليف الحياة ومن يعش… لا أبا لك يسأم.
منذ اللحظات الأولى لا يراه أحد.. والقافلة تسير وترفع صورته كالنعش فوق الأكتاف” فليعش.. عمراً مديداً.. اليوم تعلَّم حكمة جديدة ..القوة تاجٌ على رؤوس الأثرياء لا يراها إلّا الضعفاء والفقراء..
على المقلب الآخر.. كيفما يلتفت.. يسمع من يهتف باسمه.. في غرف الاجتماعات المكيفة.. وتحت القبة المزينة.. في الصباح والمساء تصدر العدالة باسمه وتعلل لبهجته، والكلُّ يبدو وكأنه يلهث لراحته.. ورغم كلِّ محاولاته الفاشلة لإبداء رأيه ..! يمرُّ الجميع من أمامه لكن لا يلتفت إليه أحد..
أراد أن يكتب إلى صاحب الناموس شكوى.. طرق الأبواب، وعاد مثقلاً بهمومه فقد تبين أنَّ اللوم كله عليه وأنَّه الفاعل والمفعول في كلِّ ملفات الفساد.. وأنه يسيء إلى السياحة بلباسه الرث غير الأنيق ويسيء إلى الاقتصاد بإحجامه عن الاستثمار والادخار.. بل أكثر من ذلك هو من يشجع السوق السوداء والتلاعب بالعملات..الإدارات اتهمته بالجبن والبخل، والجهل وقلة الثقافة والفهم..وقالت إنه لا يفقه لغة الشعراء وبالتالي يعطي تفاسير غير واضحةٍ للمفردات ويجعل الكلماتِ تتلعثم، و”الصحة” حذّرت من أنه قد يحمل وباء..
في نهاية المطاف.. حروف مكتوبة بخط صغير.. استيقظْ في العتمة .. العنْ الظلام..لا جواب يصدم ولا كلاب تنبح.. لن يجدي أن تشعل شمعه.
هنا تنتهي خطوط الطول والعرض..عند القلب.. فهو الأقدر على ابتلاع محيطات من الهزائم والانكسارات ليختلق لك مصطلح الصبر.