الاحتلال يواصل عدوانه على غزة ويدور في دائرة مفرغة.. والميدان تحكمه المقاومة
تشرين- هبا علي أحمد:
دائرة مفرغة يدور فيها كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل عدوانه على قطاع غزة المحاصر لليوم الثالث بعد المئة على التوالي، إذ لا «الآمال» تحققت ولا كيان الاحتلال قادر على تغيير مجريات الوقائع، حيث الميدان يحكم والميدان في أيدي المقاومة الفلسطينية.
موضوع الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية بات ورقة ضاغطة شديدة الحساسية إذا لم يتم حلها في وقت قريب فإن انفجار «الداخل الإسرائيلي» ليس بعيداً
هذا الميدان بالذات أثار حالة من الصدمة والذهول لدى الاحتلال و«مجتمعه» الملتهب على المستويات السياسية المستمرة بالبحث عن «انتصار» ما لكن من دون جدوى، بل على العكس فالأصوات ترتفع لإيقاف العدوان والبحث عن صفقة ما مع المقاومة الفلسطينية، ولاسيما أن موضوع الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة بات ورقة ضاغطة شديدة الحساسية إذا لم يتم حلها في وقت قريب فإن انفجار «الداخل الإسرائيلي» ليس بعيداً.
رفض التحقيق بانتهاكات إسرائيل
في خضم ذلك تعلن واشنطن وعلى الملأ ممثلة بمجلس شيوخها دعمها المطلق للعدوان الإسرائيلي على غزة، وبطبيعة الحال فإن الأمر لا يحتاج إلى إعلان ويكفي أن نتذكر دائماً أن أي عدوان على المنطقة عموماً هو عدوان أميركي بالدرجة الأولى وبشكل مطلق، وبالتالي فعندما تدعو واشنطن إلى عدم الرغبة في التصعيد كأنها تدعو في الحقيقة إلى التصعيد، فهي توفر كل أسباب التوتر والانفجار وتُمهد لهما بممارسة الاستفزازات والإرهاب ودعمه تماماً كما تدعم الإرهاب الصهيوني، ولا ترى واشنطن أن «إسرائيل» تنتهك حقوق الإنسان في غزة لذلك ترفض التحقيق بأي انتهاك، إذ رفض مجلس الشيوخ الأميركي التصويت على طلبٍ للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية التي ترتكبها «إسرائيل» علناً خلال عدوانها المستمر على قطاع غزة، كما عارض البيت الأبيض الطلب، ويقضي الطلب بتجميد المساعدات الأمنية لـ«إسرائيل» ما لم تصدر وزارة الخارجية في الولايات المتحدة تقريراً خلال 30 يوماً لبحث «ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان في حملتها ضد حركة حماس في غزّة».
عندما تدعو واشنطن إلى عدم الرغبة في التصعيد كأنها تدعو في الحقيقة إلى التصعيد فهي توفر كل أسباب التوتر والانفجار وتُمهّد لهما
حديث الأثمان السياسية
لا يزال الحديث يدور في كيان الاحتلال عن الأثمان السياسية الباهظة التي يجب دفعها، وهذا الحديث يرتفع يوماً بعد آخر، وتتعالى الأصوات لإيجاد مخرج يحافظ على ما بقي من ماء الوجه الصهيوني الذي أُهدر عند أقدام مقاومي غزة، مع تأكيدات بعدم القدرة على تحقيق أي أهداف، ولفت ضابط الاحتياط الإسرائيلي السابق إسحق بريك في صحيفة «هآرتس» إلى أنّ «الجيش الإسرائيلي لن يُحقق الهدفين الرئيسيين للحرب، الأول القضاء على حماس وقدراتها العسكرية والسلطوية، والثاني إعادة المخطوفين الإسرائيليين، مشيراً إلى أنّ الهدف الأعلى الذي لا يزال قابلاً للتحقق هو تحرير كل الرهائن الإسرائيليين، عبر الوصول إلى اتفاقٍ مع «حماس»، وإن كان على حساب وقف الأعمال القتالية في غزّة، حتى لا تخرج «إسرائيل» خالية الوفاض من كل الأهداف التي حددتها.
«كابينت» ممزق
العدوان الإسرائيلي لم يخفق في تحقيق أهدافه فحسب، بل كشف عن حجم الفجوة السياسية بين قادة الاحتلال، الذين يبحثون عن طريق لإنهاء العدوان ليس للإقرار بإجرامهم وهمجيتهم بحق الفلسطينيين وقطاع غزة على نحو الخصوص، ولكن لوضع حد للفشل والهزيمة، وبعد أن سلّط إعلام العدو الضوء على الخلافات المتزايدة في “كابينت” الحرب في كيان الاحتلال منذ بداية العدوان على قطاع غزة في الـ7 من تشرين الأول، عاد الحديث اليوم في تلك الوسائل عن أن «كابينت» الحرب ممزق حول كيفية إعادة الأسرى والخطر على حياتهم يزداد مع مرور الوقت.
«كابينت» حرب الاحتلال ممزق حول كيفية إعادة الأسرى والخطر على حياتهم يزداد مع مرور الوقت
في حين ذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» الأمريكية أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يواجه رد فعل سياسياً عنيفاً بشأن استراتيجية ملف الأسرى الإسرائيليين، التي يتّبعها، ولفتت إلى أنّ قادة المعارضة في الكيان، وبعض أعضاء «كابينت» الحرب، يدعون إلى إعادة التفكير في الحرب ضد «حماس»، موضحة أنّ هذه المجموعة الصغيرة من صنّاع القرار في زمن الحرب، تختلف فيما بينها علناً بشأن أكبر معضلتين، هما: أولاً، إذا كان على «إسرائيل» التفاوض من أجل إنهاء الحرب وإخراج الأسرى من قطاع غزة، وثانياً مَن يحكم القطاع بمجرد انتهاء الحرب.
الشمال والاقتصاد الإسرائيلي
تبقى عقدة الشمال لدى كيان الاحتلال قائمة، إذ إنه فضلاً عن الخسائر الاقتصادية التي سببها العدوان على غزة فإن للشمال، أي الحدود الفلسطينية – اللبنانية خسائر مضاعفة تهدد بالشلل الحقيقي للاقتصاد في كيان الاحتلال، وتحدّث موقع الإذاعة الوطنية الأميركية العامة «Npr» في تقرير عن الخسائر التي سيتكبّدها الاقتصاد الإسرائيلي في حال توسّعت الحرب الدائرة على الجبهة الشمالية مع المقاومة الوطنية اللبنانية حزب الله، لافتاً إلى أنه حتى لو «حققت إسرائيل أهدافها العسكرية في الجنوب «في غزة»، فإنّ الانتعاش الاقتصادي في الشمال ليس مضموناً على الإطلاق».
وقال أحد الباحثين لدى الكيان: إنّ حرباً أوسع مع حزب الله، يمكن أن تؤدّي إلى شل «إسرائيل» لمدة شهر أو أكثر، بالنظر إلى الترسانة التي يمتلكها الحزب، مضيفاً: آثار حرب شاملة مع حزب الله سوف تمتد إلى ما هو أبعد من الشمال، مشيراً إلى أنّه سيتعين على المستوطنين البقاء في الملاجئ، وبالتالي من المحتمل أن تتوقف «إسرائيل» بأكملها عن العمل طوال فترة تلك الحرب، ما قد يؤدي إلى زيادة التكلفة على «إسرائيل» مرتين أو ثلاث مرات ومثل هذه الزيادة قد تُدخلها في فترة من الركود الاقتصادي.
ويعاني الاقتصاد الإسرائيلي، من تداعيات كبيرة للحرب على القطاع، منها ارتفاع نسبة البطالة ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تمّ تسريح مئات الآلاف من العمال، أو استدعاؤهم كجنود احتياطيين، وتزايدت طلبات الحصول على إعانات البطالة، يُضاف إلى ذلك التكلفة الكبيرة وغير المتوقّعة مسبقاً للعمليات العسكرية، التي دفعت كيان الاحتلال إلى استدانة مئات ملايين الدولارات، وفقاً لما أوردته وكالة «بلومبرغ» الأميركية.