اذكر ما فعله بك عماليق!
بكت الطفلة من العطش.. لا ماء في غزة.. اقتربت من خزان الماء رفعت قدميها لتصل إلى الصنبور، ورفعت اصبعها الصغيرة لعلها تلتقط قطرة ماء، بكت بحرقة.. لا يوجد ماء في غزة.. لكنها لم تيئس، وضعت فمها على الصنبور لعلها تلتقط بضع قطرات.. أمام هذا المشهد الذي أشعل مواقع التواصل.. لم أتمالك دموعي.. أين الشرائع الدولية والإنسانية، كيف نقبل ونسكت ونحن نعلم أن من الحجارة ما يتفجر منها الينابيع، فكيف تحول العالم إلى قلوب أقسى من الحجارة.. أي عالم هذا الذي يمنع عن الأطفال.. شربة ماء..
رغم أنف نتنياهو.. المجتمع الدولي بدأ يوقن أن الحملة التي يشنها هذا (المهووس) على غزة لا تعدو كونها سلسلة من المجازر اليومية البشعة بحق المدنيين من دون تحقيق أي اختراق عسكري مهم، ومن يرى ليس كمن يسمع.. ومع تساقط دبابات (النمر) أمام صواريخ (ياسين) سوف تكون (إسرائيل) مضطرة للانصياع للهزيمة تحت الضغوط الداخلية والخارجية. كل يوم تشتعل مواقع التواصل والقنوات الخاصة بصيحات ومطالبات لوقف الحرب على وقع هول المجازر الإسرائيلية.
السفاح الذي يلتقط أنفاسه الأخيرة لا يريد أن ينزل من الشجرة التي وصل إلى أعلاها منذ صباح (طوفان الأقصى)، وهو يدرك أنه انتهى سياسياً ويربط بشكل ما إعادة بعث نفسه بنتائج حملته على غزة.
وأي مراقب لمجريات الحرب على غزة يكتشف بالفطرة لا بالخبرة أن عصابات الاحتلال لاتزال تتصرف تحت وقع الصدمة لدرجة أن (المهووس) بدأ يخاطب (الإسرائيليين) باقتباسات من التوراة، قائلاً لهم “اذكر ما فعله بك عماليق”، (الذي يُمثل ذروة الشر في التقاليد اليهودية)، واستخدمه (نتنياهو) أكثر من مرة لتحفيز الجيش (الإسرائيلي) في عدوانه الظالم ضد الأبرياء في غزة.
يُراكم (نتنياهو) خسائره على جميع الجبهات، محاولاً شطب “السبت الأسود”، ومتجاهلاً قيادته التي لا تحظى بقبول شعبي، كذلك الجيش المنكسر والاقتصاد الذي يتآكل والسمعة الدولية التي تتقوّض والجبهة الداخلية المفككة والخسائر العسكرية اليومية الكبيرة، وتململ الأمم المتحدة من جرائمه.
وتحاول الحشود العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية ببوارجها وعتادها النووي وغير النووي تهدئة الرأي العام (الإسرائيلي) المتوتر والمحبط في الداخل لمفاجآت غير محسوبة بالحديث عن حرب طويلة ومكلفة وقاسية بشرياً، وقد وضعوا سقوفاً عالية يصعب تحقيقها، وما يدعو للسخرية تلك التصريحات المنفلتة والمنفصلة عن الواقع فنجد ما يدعى رئيس الأركان (الإسرائيلي) هرتسي هاليفي يقول: “نخوض حرباً مع عدو قاس ولهذه الحرب ثمن مؤلم وباهظ”، فيما يعبر عضو المجلس الوزاري الحربي بيني غانتس عن صعوبة الحرب البرية بقوله “الصور القادمة من المعركة البرية مؤلمة، ودموعنا تتساقط عند رؤية جنودنا يتساقطون”.
وتعلق صحيفة معاريف عن ظروف الحرب البرية الدائرة على أطراف غزة إن (القوات المقاتلة) المقاومة بعيدة جداً عن الانكسار، ورغم التصفيات والاغتيالات، تنجح المقاومة في الحفاظ على طريقة قتال منظمة، تستند أساساً إلى قتال الأنفاق والخروج من المكامن وإطلاق الصواريخ المضادة للدروع بجرأة”.
ولعل خير ما نختم به المشهد صورة لأحد أبطال (القسام) يتجه مباشرة نحو دبابة (إسرائيلية) ويضع على سطحها قذيفة مضادة للدروع من مسافة صفر.