مَنْ يسيطر على العالم؟!
سبرنا أمر المؤامرة فإذا هي أعمق من أنفاق غزة؟ لا يعترف بالصدف إلّا الدهماء من القوم، فالصور والخرائط تم إعدادها منذ أمد، والخرائط تتبدل وتتغير كل حين، ونحن نحسبها جامدة ثابتة، نتمسك بحدودنا وبخطوط الطول والعرض، لكننا كمَنْ يقف على بساط يتم شده كيفما يشاء الذي بيده الحبال ..! ونشعر برائحة الوحش قرب أنوفنا ووراء ظهرنا لكن نستمر في الإنكار والتأكيد أننا نحسب حساب كل شيء وإذ بنا في بطن الحوت!
حقيقة بالغة العمق، وهي تدور حول خرائط العالم التي يراها البعض صمّاء، ثابتة، جامدة، في حين أن الأحداث تثبت لنا أنها قابلة للتحرك والاستجابة للنداء حين يعلو ويحين وقته، وها هو اليوم على ما يبدو قد حان زمنه تمتد الخطوط الجديدة بيد أبو جهل العصر (نتنياهو)ويدعمه العرّاف والكاهن (بايدن) وفي حين يتم شطب حقوق الأمم وسحق شعوبها تحت وطأة تغيير خطوط الطول والعرض مقابل ممرات اقتصادية دامية، تُمسح جميع المدن من الخارطة في سباق محموم من أجل السيطرة على العالم عن طريق السيطرة على الاقتصاد وممرات التجارة العالمية البرية والبحرية والجوية، وعندما تُؤكل المدن من سواحل بلاد الشام يصبح حتاماً أنّ العين على الثور الأحمر والثور الأبيض وخطة الهجوم مستمرة ومستعرة، ومَنْ يؤمن بالطوفان وقد تحولت السيوف إلى قطع من خشب ؟
ترتبط حوادث التاريخ بقانون السببية والعلاقة الوثيقة بين السبب وتأثيره اللاحق، والذي لا يتعلق بالضرورة بالمدى الزمني القريب بل بمآلاته البعيدة.
لكل حدث سبب، والأسباب تتوزع بين مباشرة وأخرى غير مباشرة، والأخيرة هي الأهم، ذلك أنّ الحدث يظل ينضج ويتبلور حتى إذا حانت لحظته كان أسهل شيء عليه أن يتخذ أسباباً مهما كانت بسيطة ليظهر على السطح حاكماً ومؤثراً في مجريات الحياة!.
والفرق كبير بين مَنْ يملك نظارات ويستشف المستقبل وبين مَنْ لايرَ أبعد من أنفه!
وقد يجد البعض ممَنْ يطالعون ظواهر الأيام أنّ الأحداث العميقة تقع فجأة من دون مقدمات وبلا استعدادات، في حين أنّ المتأمل المستمر في حركة الكون والعالم، يكاد يستشعر قدومها، وينصت إلى وقع أقدام عواصفها، ويكاد يلمس علاماتها وممهّداتها، ومَنْ استطاع ذلك عرف كيف يستشرف المستقبل، وليس في هذا ركون إلى الحظ أو إلقاء الاحتمالات جزافاً، بل هي دراسات وحسابات دقيقة توصل المرء إلى أن يقول كلمته الأدق.
التاريخ اليوم يكتب فصلاً جديداً والخط الزمني فيه يتقاطع مع الأحداث على حافة التناقض والتقاطع الحاد، فكأنه صراع محموم سيفضي حتماً إلى نهايات، ففي الطرف الأول تقبع عملية التطبيع البائسة المنبثقة والتي يختبئ خلفها كل مَنْ خلع عن وجهه وعمله وقوله وسلوكه معنى الكرامة، وفي الطرف الثاني تتوهج الدنيا بفعل ثلة مقاومة تعيد كتابة التاريخ مجدداً بأحرف من نور وضياء.