أبواب الحرب تُفتح.. أي مصير للشرق الأوسط بعد «طوفان الأقصى»؟
تشرين- وائل الأمين:
استطاعت المقاومة الفلسطينية في غزة هزَّ عرش الكيان الصهيوني في عملية«طوفان الأقصى»، التي فتحت مرحلة جديدة من الصراع العربي-الإسرائيلي، وليس ذلك وحسب، بل استطاعت المقاومة أن تذل الكيان في غلاف غزة وتدمر الجدار العازل خلال أقل من نصف ساعة، فكيف تدير المقاومة هذه المعركة؟
لليوم السادس على التوالي تسيطر المقاومة الفلسطينية على زمام المعركة في الداخل الفلسطيني، وهذا ما يؤكد أنها قد أعدت الخطة بكل دقة وتفصيل، فاستطاعت أن تستخدم الصورة كسلاح فعال ضد الصهاينة، وكذلك الأمر التخطيط الإستراتيجي والعملياتي فهي فرضت منطقة بغلاف غزة ما تقارب 650 كلم كمنطقة عمليات خطرة، وكذلك فرق الضفادع البشرية التي استطاعت أن تقتحم من البحر ناهيك بالطيران الشراعي الذي استخدمته المقاومة في ضرب أهداف العدو خارج القطاع، وكذلك وحدة الحرب الإلكترونية التي تمتلكها المقاومة والتي أسهمت بشكل كبير في إيقاف الأسلحة الحرارية التي تغنّى بها الاحتلال مرات عديدة.
كل هذه الأمور تضعنا أمام واقع عسكري فرض نفسه بقوة في الميدان وهو أنه لا يمكن لأحد أن يقنن دور المقاومة في الداخل الفلسطيني ولا يستطيع أحد أن يحدَّ من قوتها العسكرية، فعلى الرغم من كل القصف الهمجي الذي تقوم به سلطات الاحتلال على غزة المحاصرة منذ أكثر من 15 عاماً لم تتوقف رشقات المقاومة، بل استطاعت أن تصل إلى تل أبيب والقدس وعسقلان، وهذا ما يؤكد أنها قد أعدت جيداً لهذه العملية المباركة.
وإذا ما انتقلنا إلى الجبهة الشمالية للاحتلال حيث المقاومة اللبنانية، فنجد أنها تحاول تلقين كيان الاحتلال درساً من دروس الحرب فيما التخبط يُصيب دوائر الكيان الإسرائيلي ولا سيما بعد الضربة الموجعة من المقاومة الفلسطينية، لا يريد الكيان حرباً في الشمال لأنه يعلم جيداً قدرة المقاومة اللبنانية على الضرب والتقدم وهذا ما يقوله الإسرائيليون أنفسهم، حيث اعتادوا أنه عندما يتحدث السيد حسن نصر الله فهذا يعني أنه سينفذ وفي آخر خطاباته قال: نحن متحمسون لهذه المعركة وبالتالي يعلم نتنياهو جيداً أن حزب الله إذا ما دخل الحرب ذلك يعني مسح «إسرائيل» من الخريطة.
أرسلت المقاومة اللبنانية رسالة مفادها «إياكم والدخول بحرب برية ضد غزة» والتي تعتبر لدى محور المقاومة كله خطاً أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه، وكل المعلومات إلى لحظة كتابة هذا المقال تشير إلى أن الاحتلال متخوف جداً من الدخول براً إلى غزة التي ستحرق ربما أكثر من نصف جيشه على ترابها الذي جُبل بدماء الشهداء، وهذا ما جاء على لسان أحد قادة المقاومة الفلسطينية، ولذلك نجد أن ما يجري على الحدود اللبنانية الفلسطينية هو ما يشبه إلى حدٍّ كبير فعل وردّات فعل لا أكثر، لأن الكل في هذا العالم يعلم أن محور المقاومة يريد هذه الحرب الشاملة لأن هذه الحرب هي من ستحدد وجه المنطقة لأكثر من مئة عام قادمة، وتعلم «إسرائيل» جيداً أن هذه الحرب هي من ستزيلها من خريطة الشرق الأوسط.
في جبهة الجولان المحتل استطاعت سورية أن ترسل رسالة شديدة اللهجة إلى الكيان، وما نقرأه من معلومات يفيد بأن الكيان قد تلقى هذه الرسالة جيداً وهو خائف ومرتعب ليس فقط مما يحصل داخله، وإنما لعلمه أنه إذا فُتحت جبهة لبنان – سورية ضده فلا يمكنه التعامل معها كما يتعامل مع غزة، فهذه جيوش وواهم من يعتقد أن المقاومة اللبنانية هي مجموعة، بل هي جيش منظم وربما أكبر من جيوش بعض الدول العربية ولديه خبرة كافية في التعامل مع جيش الكيان، خصوصاً أن له انتصارين على هذا الجيش، في عامي 2000 و 2006.
تحاول أمريكا التي أرسلت حاملة طائراتها الأحدث «جيرالد أر فورد» إعطاء تطمينات لنتنياهو وحكومته، وهنا تجدر الإشارة إلى أن «جيرالد أر فورد» قد قطعت مسافة 2600 كم لتصل إلى شرق المتوسط وهو ما يفسر حالة الخوف والهلع لدى «إسرائيل»، ولكن أعتقد أن أمريكا تعي تماماً أن دخولها في حرب مباشرة إلى جانب الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني سيحرق «جيرالد فورد» وما عليها بصواريخ المقاومة التي استطاعت أن تدمر البارجة الإسرائيلية في عام 2006، هذا غيَّر قواعدها في العراق والأردن والخليج والبحر الأحمر التي ستدك وتحرق كما وعدت فصائل المقاومة التي نوهت بأنها على أهبة الاستعداد لنصرة الشعب الفلسطيني.
المنطقة اليوم هي في أقرب نقطة للحرب الإقليمية، وإذا ما فُتحت جبهة الشمال، فإنَّ أبواب الجحيم ستفتح على الكيان الإسرائيلي، فعملية «طوفان الأقصى» استطاعت أن تقلب قواعد الاشتباك واستطاعت أن تكون هي الفعل وليس رد الفعل، وما زالت مفاجآتها تظهر بين ساعة وأخرى، لأن من خطط لها هم أصحاب الأرض، فالقوة التي أظهروها في الميدان كشفت أن المقاومة كانت تقضي لياليها في التدريب والتطوير والعمل على إنجاز العملية التي ستغير مجرى التاريخ في الشرق الأوسط.