ملف «تشرين».. جيش الاحتلال الذي اختفى كأنه لم يكن.. «طوفان» المقاومة الفلسطينية يشلّ استراتيجياً قدرة العدو على الفعل و«رد الفعل»

تشرين – رشا عيسى:
أظهرت العملية المباركة «طوفان الأقصى» للمقاومة الفلسطينية حقيقة ضعف العدو وجيشه، وكيف تبخر جنود الاحتلال في ما يسمى مستوطنات غلاف غزة وتحولوا إلى قتلى وأسرى في قبضة المقاومين الأبطال.
ساعات الصباح الباكر من يوم السابع من تشرين الأول – موعد انطلاق العملية – تحولت إلى موعد مفصلي، فما قبل هذا التاريخ ليس كما بعده، ونصر المقاومة الفلسطينية سيرسم مساراً جديداً للمواجهة مفتاحها بأيدي المقاومين ومحور المقاومة.
وثقت معركة طوفان الأقصى مشاهد تاريخية إضافية عن وهن جيش العدو الذي يُصنف نفسه بأنه أقوى جيوش المنطقة، هذه القوة سُحقت على أيدي المقاومين الذين أصابوا كيان العدو بمقتل حقيقي، حتى اضطر رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو لإعلان حالة الحرب, وسط تخبط وذهول لم يشهدهما هذا الكيان الغاصب منذ حرب تشرين التحريرية.
المشاهد الموثقة التي أقل ما يُقال عنها إنها مخزية لـ«جيش النخبة» كما يزعم قادته، عرّت هذه الثلة الغاصبة مجدداً، حيث جنود النخبة وقادة جيش العدو بثياب النوم لم يتسنَّ لهم من شدة الصدمة ومباغتة رجال المقاومة لهم استدراك ما يحصل، ولا حتى ستر أنفسهم، فتم اقتيادهم بملابس النوم أسرى أذلاء، وكان الأكثر نصراً وفقاً للمشاهد القادمة من غزة قدرة المقاومين على العودة بمنتهى السلاسة إلى قطاع غزة مع سيارات ومقاتلات العدو وأسراه الذين أحضروهم معهم, بينما كانت حاويات القمامة مستقراً ومخبأً للكثير من المستوطنين الذين خذلهم جيشهم وفرقه التي كانت توهمهم بأنها نخبوية حتى باتوا يسألون أين هو هذا الجيش؟

خلاصي: اليوم في «طوفان الأقصى» انتقلت المقاومة رسمياً

من الحضن الهش إلى الحضن الصلب لمحور المقاومة

العملية أقل ما يمكن وصفها بأنها نوعية ومذهلة ومثيرة للدهشة والفخر بآن معاً، حيث تحرك المقاومون بكل سهولة كأنهم في غزة، وكأنهم لم يجتازوا شريط الاحتلال العازل، وكأن أيضاً كل هذه البقعة المحتلة خالية من أي جندي إسرائيلي.. في مباغتة لم يتخيلها قادة الكيان الغاصب حتى في أشد كوابيسهم قتامة، مُعيدين إليهم صور الهزائم في حرب تشرين التحريرية.
هذه العملية أكثر عمليات المقاومة الفلسطينية إحكاماً وجسارة، وستكون من أكثرها قدرة على قلب المعادلات، وتمثل هزيمة كبرى للعدو في عقر مستوطناته، وستكون ارتداداتها على مستقبل الكيان الغاصب وجيشه كبيرة جداً.

نضوج قدرات المقاومة
رئيس الأمانة العامة للثوابت الوطنية في سورية الدكتور حسام الدين خلاصي بيّن لـ« تشرين» أنه في يوم ٧ تشرين الأول حصلت فعلاً المفاجأة للكيان الصهيوني ومستوطنيه، كما حصلت المفاجأة لبعض الأنظمة التي تنعمت وسعت للتطبيع مع الكيان الغاصب، وكذلك حصلت المفاجأة لعملاء الولايات المتحدة من عصابات إرهابية وانفصالية، لكنها لم تكن مفاجأة لمناصري المقاومة وداعميها من دول وشعوب، فالكل في محور المقاومة توقع هذا التغير النوعي الصاعق لسلوك وهدف المقاومة، لقد تحسب العدو كثيراً لمعركة الجليل شمالاً وحشد واستعد ونام مطمئناً في «عيد غفرانه» فأتته الضربة جنوباً لتكون دليلاً ساطعاً على نضوج قدرة المقاومة ووحدة الساحات.
اليوم في «طوفان الأقصى» انتقلت المقاومة رسمياً من الحضن الهش التابع للأنظمة العربية التي مالت للتطبيع إلى الحضن الصلب لمحور المقاومة الذي يمتد من طهران إلى دمشق إلى لبنان، حيث الوفاء والدقة والدعم الحقيقي ذو الأثر والفاعلية.
وأنجزت المقاومة اليوم بالمعنى الحرفي للكلمة تحريراً للتراب الفلسطيني، فأي متر يطهر من تراب فلسطين هو إنجاز تحرير، فالمقاومون اشتبكوا وقاتلوا واقتحموا وأسروا وقتلوا صهاينة اعتدوا واغترّوا بقوة جيشهم «الذي لا يقهر»، وإذ بهم كالجرذان يلوذون بالفرار في صحراء التيه خوفاً من المقاومة ولا مُنجد لهم واختفى جيش الكيان فجأة.
هذه المعركة الطوفان بدأت بحسابات دقيقة ونفذت بجودة عالية ولم يحصل ولا اختراق أمني لها، وفي هذا دليل على العمل الصحيح المتقن، ومن الطبيعي أن تقود الثأرية حكام الكيان لضرب قطاع غزة لكنهم سيلقون رداً قاسياً في الداخل من مقاومة غزة والضفة ومناطق ١٩٤٨ مع احتمال اشتراك جبهات خارجية مؤازرة لطوفان القدس.
وستكون قضية الأسرى بعد التبريد الذي ستمارسه الحكومات الصديقة للكيان هي القضية الأساس وكل أسير صهيوني مقابله أسرى فلسطينيون للحرية، اليوم هو إنجاز تاريخي للقضية الفلسطينية التي خطت للمرة الأولى الخطوة الصحيحة باتجاه تحرير فلسطين.

صور النصر
بدورها، الباحثة في الشؤون السياسية الدكتورة هناء الشيخ وجدت أن عنصر المباغتة الذي نفذته المقاومة الفلسطينية وتضليل المنظومة الحربية الإسرائيلية باختيار التوقيت المناسب عكسا نصراً كبيراً للمقاومة وأظهرا ضعف هذا الكيان وتخبطه وعدم قدرته على الرد أو المواجهة، ما يعني أن المقاومة حققت كل صور النصر المتوقعة.

الشيخ: عنصر المباغتة عكس نصراً كبيراً للمقاومة وأظهر ضعف هذا الكيان

وتخبطه ما يعني أن المقاومة حققت كل صور النصر المتوقعة

وكان لافتاً أيضاً مشاهد المقاومين يتجولون في المستوطنات والدبابات تحترق والجنود أسرى في حدث غير مسبوق وخاصة لكيان الاحتلال الذي اهتز تماماً كجبهة داخلية وتزعزعت الثقة بهذه المنظومة.
لقد نجح رجال المقاومة بتكتيك وعزيمة وبأسلحتهم المصنعة داخل القطاع في السيطرة على أهم مواقع العدو الحربية، وتنفيذ العملية بكل نجاح، والانطلاق من القطاع المحاصر والمراقب أيضاً بأحدث التقنيات التي كان بتبجح بها قادة العدو سابقاً، ورغم كل الحداثة فقد تلاشت تماماً أمام قوة و إصرار المقاومة.
وبينما كان رجال المقاومة على درجة عالية من التنسيق كان الارتباك واضحاً لدى جيش العدو الذي بدأ بإطلاق النيران على بعضه بعضاً وسقوط قتلى بين جنوده، وأيضاً ارتباك وتخبط داخل الاجتماعات الوزارية التي كان الشجار عنوانها، وكذلك ارتباك لدى إعلام الكيان الغاصب الذي لم يتوقف عن السؤال: أين هو الجيش؟
وبيّنت الشيخ لـ«تشرين» أن ما يميز العملية الحالية من ناحية أخرى غير العسكرية على الأرض هو تطور المقاومة باستخدام الصور والفيديوهات من أرض العملية مباشرة, وإدارة هذه الصور والفيديوهات بشكل متقن ومؤثر ما يعد وجهاً آخر للنصر، وكذلك زيادة في هزائم العدو النفسية مع العسكرية الجارية حتى الآن.
«طوفان الأقصى» هو مثال حقيقي لتطور المقاومة من ناحية التخطيط والتنفيذ والاستراتيجية، وتستحق الدعم من كل الأحرار في العالم كما تؤكد الشيخ.

اقرأ أيضاً:

ملف «تشرين».. إنها البداية فقط.. كيف غيّرت المقاومة الفلسطينية قواعد اللعبة وروّضت ميدان العدو.. وأي مفاجآت ستحملها الأيام المقبلة؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار