ملف «تشرين».. طوفانٌ وثأرٌ.. وذكرى ثالوث يدق الساعة ويحدد المسار والمصير

تشرين- هبا علي أحمد:
إنها السادسة والنصف على توقيت المقاومة في السابع من تشرين الأول 2023.. إنها لعنة التاريخ بلا شك.. التاريخ الذي يكتبه المقاومون فقط ولا أحد غيرهم.. وبين تشرين ١٩٧٣ وتشرين ٢٠٢٣ حكايات عن هزائم العدو الإسرائيلي الغاصب، وحكايات من المقاومة أينما حلّت في سورية واليمن ولبنان وفلسطين وطوفانها العظيم الذي أبى إلا أن يخفف الحزن عن سورية ويواسيها بفقدان مقاومين جدد أقسموا على صون الأرض وكان أصدق قسم، ليكون «طوفان الأقصى» ثأراً لكل الشهداء في فلسطين وسورية واليمن ولبنان وأي مكان ارتقى فيه شهداء دفاعاً عن الأرض.
طوفان الأقصى والثأر لشهداء الكلية الحربية في حمص وذكرى حرب تشرين التحرير ثالوث متلازم يصوّب سهامه تجاه مغتصب الأرض ومنتهك المقدس.. يدق الساعة ويحدد البداية، أما النهاية فلا يمكن أن تحددها وحشية العدو كيف ما كان عدوانه، فالنهاية والبداية بيد واحدة موحدة لا تكسرها شدّة ولا تأخذ من عزيمتها دماء الشهداء بل هي الزاد ومشاعل النور التي لا تنطفئ، لذلك طاف الأقصى وطاف المقاومون غضباً، وثأراً، وحقاً، ومع بشائر الصبح الأولى كانوا أصحاب الأرض عاليها كما هم دائماً وكما عهدناهم، وكان المارقون أسفلهم كما هم دائماً في مكانهم، ترتعد فرائصهم تحت ضربات صواريخ المقاومة الفلسطينية التي دقت ساعة الصفر وكتبت فجراً جديداً مشرقاً للتاريخ لعلّه يبقى فجراً لا يُمحى، بل يمحي المحتل ويُشرق طريق الحق بأنواره.

(ليست المرة الأولى التي تمتلك فيها المقاومة زمام المبادرة لكن هذه المرة نوعية

ولافتة لجهة التخطيط والتكتيك والتماسك والمباغتة والمفاجأة وفرض معادلة ردع جديدة)

ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة مشهد تاريخي يتقن المقاومون أداء أدواره لا كلل ولا ملل.. صليات الصواريخ تدك العدو وترميه جثة هامدة في الشوارع .. صليات من الصواريخ لا نهاية لها إلا بارتداع العدو الذي لم يشفع له يوم «غفرانه»، كما لم يشفع له في تشرين التحرير بل انقلب غضباً وجحيماً ووبالاً، قتلى وجرحى والعدد إلى ارتفاع وأمام مرأى المجتمع الدولي الداعم للكيان المحتل.
ليست المرة الأولى التي تمتلك فيها المقاومة زمام المبادرة لكن هذه المرة نوعية ولافتة لجهة التخطيط والتكتيك والتماسك والمباغتة والمفاجأة، الأمر الذي أربك العدو وشغله بإحصاء قتلاه ورؤية دباباته مدمرة ومحروقة، إضافة إلى وقوع أسرى من العدو بينهم جنود وضباط في أيدي المقاومة وهو في صدمة وفاجعة.
طوفان الأقصى كشف عن هشاشة لا مثيل لها داخل كيان المحتل أمنياً وسياسياً وعسكرياً، كما كشف عن حال الضعف الداخلي، ضعف المواجهة بل عدم التمكن من المواجهة، بل أيضاً التباكي والاستجداء الخارجي، بينما أبطالنا أبطال المقاومة يواصلون المعركة.
ما قدمه أبطال المقاومة تحوّل استراتيجي نوعي ولافت في الصراع مع العدو الذي يقف على رجل واحدة، ورسالة لكل من تخلّف عن ركب المقاومة وفرصة له للتراجع وإعادة تقييم الواقع والالتفاف حول المقاومة التي تمتلك إرادة الصمود والمواجهة والمبادرة والانتقال من الدفاع إلى الهجوم وبالتالي لا حدود للمواجهة, بل الذهاب إلى مراحل متقدمة منها وتعزيز معادلات الردع التي كرّستها مسبقاً.
أين ما تكون حدود المواجهة ومداها، فالمقاومة جاهزة وهي التي تحمل النصر أو الشهادة كتميمة حظ صائب لا يفارقها، في حين أن العدو وجرذانه القابعين في أنابيب القاذورات لم يستفيقوا بعد من هول الصدمة.
طوفان الأقصى معادلة ردع جديدة واسم لن يُنسى، يوم فرح في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولكل الشرفاء في العالم، ويوم أسود في تاريخ الكيان المحتل بل نقطة تحوّل في الوجود والصراع وسطر جديد من سطور المقاومة والنضال.
لا تأبه المقاومة اليوم لصمت المجتمع الدولي، فهي تمتلك القرار والمبادرة والقدرة على الثأر والمحاسبة وعلى مرأى ذاك المجتمع المتآمر المتخاذل، ولا تأبه لكل المتآمرين المتخاذلين، فصوتها يعلو ولا يُعلى عليه وطوفان الأقصى لن يُبقي ولن يذر والقادم أشد وطأة فلينتظر كل متآمر ومتخاذل.

اقرأ أيضاً:

ملف «تشرين».. «طوفان الأقصى» في تشرين.. الشهر الذي شق ذاكرة الاحتلال

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار