هل لديك عمل؟!
ليس واحداً فقط، وإنما أصبح تعدادهم بالملايين.. ويتم تجاهلهم بالجملة والمفرق.. وعلى كل واحد أن يتدبر حل مشكلته بنفسه، وهذا ما يحاول عمله الكثيرون.. إنهم العاطلون عن العمل، وما أدراك ما يعني العاطل عن العمل؟ وما أدراك ما يعني المسكين؟ وماأدراك ما يعني الفقير؟ وما أدراك ما يعني من يعمل بأجور زهيدة؟.. إنهم كثر من السوريين فقدوا أعمالهم وأماكن رزقهم وبيوتهم خلال الكوارث، ولا أحد ينظر إليهم أو يبحث عن إجراء للحد من معاناتهم!
في المقابل البيضة والتقشيرة لقوى السوق التي لا ترحم وتحصل على أرباح خيالية، ولأجل خاطرهم تتسابق التسهيلات والمؤتمرات لأصحاب العيون المكحلة بالملايين والمليارات نفرش لهم السجاد ونبتسم في وجوههم ونصافحهم بحرارة وهم يرسلون مديري أعمالهم ليحسبوا لهم الكلفة والتكاليف ومقدار الربح!!
مهما يكن.. لا أحد ضد مستثمر أو رجل أعمال قد يقيم مشروعاً يصلح جانباً ما من القطاعات الاقتصادية.. لكن هذا لا يمنع من التفكير جدياً بحال المواطن السوري وإيجاد آليات تمكنه من التدريب والعمل بمهن بسيطة لكنها مهمة وتؤمن للبلد أدوات ضرورية ولا غنى عنها في المشاريع الكبيرة، فمثلاً مهن النجارة والحدادة والخراطة والكهرباء والتدفئة والتبريد والقرطاسية والعصرونية والأدوات البسيطة من مسامير وعدد صناعية وأدوات أخرى لا غنى عنها لا بل نقوم باستيرادها، حتى الدبوس والإبرة والشمعة نقوم باستيرادها، وهذا يعني أن هؤلاء العاطلين عن العمل يحتاجون القليل من التأهيل والدعم، ناهيك بدعم القطاع الزراعي والصناعات الملحقة به، وهم قادرون على الإنتاج ولديهم شغف بالعمل.
إن إعادة الإعمار تحمل في معناها الأهم التنمية البشرية والتحفيز وبناء الإنسان السّوي وتوفير مقومات العيش الكريم للعائلات والأبناء والبنات، وكما يؤكد المعنيون تكراراً أن الإعمار لا يعني بناء الحجر.
إن الأرباح الهائلة وغير المشروعة (والتي لا تستند إلى اللامعايير) تهدد المزيد من السوريين بالفقر والعوز والحاجة.. فلماذا نتجاهل هذه الأوضاع المرضية ونترك المواطن عرضة للانحرافات الأخلاقية والمجتمعية؟.. إن العدالة الاجتماعية والاقتصادية وضبط قوى السوق هو معيار التوازن.. فهل ننشده ونلحظه، أم نبقى في غفلة؟.