جوهر القرار الجريء
هل نعمل بضرب المندل.. أم نستدل على الوقائع بالأرقام والإحصائيات والتصريحات؟ كانت سلسلة طويلة من لقاءات وزيارات وجلسات عمل واجتماعات مهمة في الصين أجراها الوفد السوري برئاسة السيد الرئيس بشار الأسد، والكل في الشارع السوري بحالة ترقب لما ستتمخض عنه من قرارات! الأمر في غاية الجدية والخطورة لأن القرارات القادمة تتعلق بتطوير الأدوات الاستثمارية والمصرفية وجعلها ملبية للشركاء والمستثمرين وللاقتصاد ولأصحاب الودائع ورؤوس الأموال والأعمال.
في العاصمة بكين كانت المحطات الأولى للرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد، لقاء جمعهما بعدد من أفراد الجالية السورية المقيمين في الصين، اللقاء كان مناسبة للحديث عن الوطن ودور الجالية تجاهه في المرحلة المقبلة، عن العلاقة مع الصين، وكيف يساهم السوريون في تعزيزها وتقوية مجالاتها، وعن التجربة الصينية الفريدة التي وضعت الصين في مقدمة دول العالم، وكيف نستفيد ونتعلم منها.
الرئيس الأسد وصف الجاليات السورية بأنها الجسر الإنساني والاجتماعي والفكري بين سورية وبقية دول العالم، مؤكداً أهمية دورها في بناء العلاقات التي تجمع سورية مع تلك الدول.
يتحدث الرئيس الأسد والسيدة الأولى في حوارهما مع أفراد الجالية عن التحول الكبير الذي شهدته الصين خلال العقود الأخيرة، مُنطلقة من القيم والأصالة ومن الهوية الضاربة جذورها في التاريخ، ومعتمدة على العلم والعمل الدائمين، والانضباط في كل تفاصيل الحياة، إضافة إلى تواضع الصين في علاقتها مع دول العالم، على عكس الغرب الذي لا ينظر إلى الآخرين إلا وفق غاياته ومصالحه بعيداً عن المبادئ والأخلاق. لذلك فإن أفق العلاقة بين سورية والصين هو أفق مفتوح وواسع لأنه يقوم على المبادئ.
في اللقاء ذاته يستمع الرئيس الأسد والسيدة أسماء الأسد لأفكار وطروحات وآراء جديدة حول التعاون السوري – الصيني في المجالات العلمية والبحثية والطبية والتكنولوجية، حملها أفراد الجالية الذين جاؤوا من مدن صينية مختلفة، يمارسون أعمالاً واختصاصات علمية ومهنية متنوعة، منهم أساتذة جامعات، باحثون، أطباء ومدرسون وصحفيون وأصحاب فعاليات اقتصادية، وجميعهم حقق نجاحات، حيث يقيمون في الصين ويتطلعون دائماً إلى خدمة وفائدة وطنهم سورية.
خلال هذه الزيارة كانت الحقيقة الراسخة هي أن سورية والصين صديقان، وأن العالم اليوم بعيد كل البعد عن الأمن والاستقرار، وفي هذه المرحلة الحاسمة نحتاج إلى المزيد من التنسيق والتعاون بما يصون المصلحة المشتركة للصين وسورية، ويحقق التنمية المشتركة بين البلدين، لاسيما أن التنمية في سورية تواجه العقوبات والحصار، لذلك فإن الصين مدعوة ومرحب بها بموجب إقامة العلاقات الاستراتيجية والشراكة التي تم الإعلان عنها خلال لقاء الرئيسين الأسد وشي جين بينغ لتقديم الدعم لسورية وتحول المزايا الجغرافية السورية إلى فرص تنموية وتقديم الدعم في إعادة الإعمار وترسيخ الاستقرار.
اليوم بعد النهوض من الكبوة منتصرين على الإرهاب العالمي لم يعد أمامنا شيء نعجز أمامه، وكل ما يقال عن مرحلة إعادة الإعمار والأسس القوية للدولة الصامدة يجب أن تتم ترجمته بقرارات شجاعة وقوية وموثقة .
اليوم الفرصة متاحة والقرارات الاستراتيجية المهمة قيد الإعداد، والحكمة معروفة فالعقل رأس المال.. لكن التوقيت المناسب هو جوهر القرار الجريء