نقطة فارقة وبداية لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين.. رئيس الجالية السورية في الصين لـ«تشرين»: الزيارة ولّادة لشراكة استراتيجية بين سورية والصين
تشرين- هناء غانم:
زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الصين نقطة فارقة وبداية لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين وكل الأنظار تتجه إليها، والتي تؤكد المضي في تطوير العلاقات في كل الاتجاهات مع الصين.
رئيس الجالية السورية في الصين فيصل العطري أكد في حديثه لـ«تشرين» أن زيارة الرئيس الأسد إلى الصين تكتسب أهمية خاصة إذ إنها الزيارة الأولى بهذا البعد.
وقد حمل سفر السيد الرئيس وعقيلته على الطائرة الصينية رسائل قوية مفادها أننا قررنا كسر هذا الحصار وعلى أعلى مستوى، وأن الصين تراقب ما يجري في العالم بعين حمراء وعلى أي دولة تفكر بأفكار غير جيدة أن تعيد حساباتها.
وأكد العطري قائلاً: هذه الزيارة ولادة لشراكة استراتيجية بعيداً عن التحالفات التكتيكية، شراكة قوامها الفائدة المشتركة والاحترام المتبادل.
أما على المستوى الاقتصادي، فسورية أمام فرصتين أرجو أن نُحسن استغلالهما: الأولى تتجلى بالاستفادة من المزايا والاستثمارات التي تمنحها الصين لدول «الحزام والطريق»، والثانية أن الصين تتخلى عن بعض صناعاتها التي فقدت تنافسيتها بسبب ارتفاع أجور الأيدي العاملة في الصين، ومن أفضل من حلفائها لتتخلى لهم عن تلك الصناعات؟
وأضاف: إن الصين يمكن أن تقدم استثمارات هائلة بمختلف المجالات، كالطاقة “إقامة مزارع شمسية وريحية”، بحث وتنقيب واستثمار النفط والغاز، والزراعة من تقليدية، رعوية، زراعة الحبوب والثروة الحيوانية، زراعة سمكية .. إلخ، وفي قطاع الاتصالات والإنترنت، وقطاع النقل، والقطاع الصناعي من خلال إنشاء مصانع جديدة وترميم المصانع المدمرة وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة، وهنا أنصح بأن تكون كل الاستثمارات بنظام BOT مع ترك الإدارة للجانب الصيني لتجنب الخسائر التي يمكن أن تنشأ بسبب سوء الادارة أو بسبب العقوبات.
أما على صعيد قطاع البناء، فالصين الدولة الأكثر تقدماً بمجال التشييد السريع وتملك بهذا المجال تقنيات متفوقة وفريدة لا يملكها أحد.
ويرى رئيس الجالية السورية في الصين أنه علينا بناء علاقاتنا مع الصين على أساس الشراكة وأن نكون بموقع المتعلم، وأن نتجنب القروض والاقتراض ما أمكن.
وختم العطري: من خلال علاقاتي مع كثير من الصينيين أقول وأنا مرتاح الضمير إن الصينيين سواء كانوا حكوميين أم أفراداً يشعرون تجاهنا بمحبة خاصة ويقدرون الظلم الواقع علينا، وأرجو أن نكون كشعب ورجال اقتصاد على مستوى المسؤولية.
تعاون استراتيجي
الدكتور والباحث الاقتصادي عابد فضلية أكد أن هذه الزيارة تعد فرصة استثمارية ذهبية لسورية وللصين من حيث التوقيت والبعد الاستراتيجي للعلاقة بين البلدين.
وبيّن فضلية أن كل الطروحات المشتركة والمهمة جداً يجب وضعها على سلم أوليات التعاون والتشارك مع الجانب الصيني لجهة إقامة مشروعات ذات صلة بعملية إصلاح القطاع العام الاقتصادي، وهذا يتطلب من الجهات الحكومية المعنية إعداد وتحضير الملفات ذات الصلة (المؤسسية..الفنية .. الإدارية.. إلخ) بما فيها دراسات الجدوى ومسودة التصورات الممكنة والمقبولة للتعاون و/أو الشراكة مع الجانب الصيني.
وأضاف فضلية: إن هذه الزيارة تأتي في إطار التطورات العالمية الأخيرة التي اتضحت جلياً في اجتماع قمة مجموعة دول (بريكس) في جوهانسبرغ، الذي عقد منذ فترة، وأعقبته عدة اجتماعات قمة أممية لدول الشرق (مثل قمة الـ70) ودول الغرب (مثل قمة الـ20) وغيرها.. أضف إلى ذلك الاتفاق الأهم الذي أعلنت عنه السعودية منذ أسابيع قليلة حول مشروع إنشاء خط شحن وعبور دولي ما بين (الهند) و(أوروبا) يمر من منطقة الخليج العربي و(السعودية) ويصل إلى فلسطين المحتلة ينفذ منها عبر المرفأ للوصول عبر البحر إلى الجانب الأوروبي، مبيناً أنه وباعتبار أن هذا المشروع بديل جزئي لأحد طرق مبادرة (الحزام والطريق) الصينية، فقد حرّض هذا المشروع الصين على تسريع تفعيل الخطوات الأولى من هذه المبادرة.. ليتأكد رسمياً أن سورية جغرافياً واقتصادياً وسياسياً هي جزء منها.. وتالياً فإن زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الصين تأتي في هذا الإطار الأوسع والأشمل من مجرد علاقة بين بلدين.. لذلك وصف الرئيس الصيني إطار هذه الزيارة بـ”التعاون الاستراتيجي”.
وعن منعكسات هذه الزيارة يجب التنويه إلى أنها تأكيد رسمي على أن تطوير العلاقات الاقتصادية والاستثمارية هو من أولويات ومصلحة البلدين.. ونضيف إلى ذلك أن تبعاتها الإيجابية المباشرة وغير المباشرة لن تكون على المدى القصير، بل على المديين المتوسط والطويل.. والاستفادة الكبرى منها ستبدأ وتظهر على المدى المتوسط بالنسبة لكلا البلدين وسورية أولاً.. وعلى المدى الطويل لكلا البلدين والصين أولاً.. باعتبار أن التجارة البينية والاستثمارات الصينية من الممكن أن تتحرك فوراً لتؤتي أكلها على المدى المتوسط، وأن حراك (بديل طريق الحرير) سيأتي أكله على المدى الطويل.
فكلا البلدين يمكن أن يبدأا ويستفيدا فوراً من تفعيل العلاقات التجارية البينية.. وأن يبدأ فوراً الحراك الاستثماري الصيني ومشروعات إعادة الإعمار لتظهر نتائجه خلال عدة سنوات.. وكل ذلك سيكون بالتوازي مع خطوات متفق وسيتفق عليها ويتم تنفيذها تباعاً عبر السنوات في إطار مبادرة (الحزام والطريق) ليستفيد منها على المدى الطويل كلا البلدين وكل البلدان الأخرى التي يمر بها هذا الطريق والتي تقع بالقرب منه.
وعما ينتظره الاقتصاد السوري من المشروعات الاستثمارية الصينية في هذه المرحلة فهي مشروعات (الطاقة) الكهربائية والأحفورية والبديلة بكل أشكالها ومستوياتها.. كما تم الإعلان عنها خلال اللقاءات الرسمية في الصين.. ونضيف إلى ذلك (الصناعات الكيميائية) المتعلقة بمخرجات عملية تكرير النفط ومشروعات (تصنيع الأسمدة والجرارات والمعدات الزراعية واللقاحات والمستلزمات البيطرية) و(تكرير وتنقية وتحلية المياه وبناء السدود والسدات المائية)..
وننوه في هذا الإطار أيضاً إلى أن ما تم التوقيع عليه من وثائق تتعلق بالتعاون الاقتصادي خلال هذه الزيارة هو ليس كل شيء.. بل سيتبعه بالتأكيد في الوقت المناسب توقيع المزيد مما تم الاتفاق عليه في إطار هذه الزيارة التاريخية للسيد الرئيس.
وأشار فضلية إلى أنه على الصعيد الدولي فالولايات المتحدة الأمريكية ممتعضة جداً من هذه الزيارة ومن وقائعها الجدية.. ولشدة غضبها ومكرها فهي تعيد وتكرر وتذكر الصين من خلال تصريحات كبار مسؤوليها بعقوبات «قانون قيصر»، وهذا إن دل على شيء فهو يدل بصورة ما على أهمية وإيجابية الزيارة بين البلدين.
صناعات السيارات الكهربائية
بدوره عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق ياسر أكريم أكد أهمية زيارة الرئيس الأسد إلى الصين من كل النواحي ولاسيما على الصعيد الاقتصادي، مشيراً إلى أن الصين دولة صديقة لسورية ومن المفترض أن يكون هناك امتداد تجاري وصناعي مع الصين، والأهم ان نستفيد من هذه العلاقات وأن تكون هناك مشروعات مشتركة وبشكل جدي وسريع، فكما هو معروف للجميع أن الصين لديها باع طويل في قطاع البناء لما تمتلكه من الآلات والمواد.. وغيرها، لذلك علينا التشاركية مع الشركات الصينية لإعادة إعمار سورية.
إضافة لذلك، حسب أكريم، لابد من أن تكون هناك مشروعات تتوج وبشكل سريع على المستوى التكنولوجي مثل صناعة السيارات الكهربائية وغيرها من المشروعات التي نستطيع من خلالها تطوير الصناعات السورية خاصة أن هناك معامل في سورية لكنها بحاجة إلى تطوير بالتشاركية مع الجانب الصيني.