الأمر كله بيد الرياض وواشنطن الخاسر.. النفط يعزز الموقع السعودي شرقاً
تشرين – هبا علي أحمد:
تتسع رقعة الاتجاه السعودي شرقاً، ومعها تتسع رقعة التباينات والتجاذبات بين الرياض وواشنطن، حيث أتى القرار الروسي – السعودي بالتمديد الطوعي لخفض إنتاج وتصدير النفط حتى نهاية عام 2023 بمنزلة ضربة إضافية لواشنطن، رغم أن القرار ليس جديداً بل هو استمرار لسياسة قائمة، لكن طوال الفترة الماضية كانت الولايات المتحدة تخطب الود السعودي في مختلف الاتجاهات على أمل التغيير وعودة السعودية إليها بعيداً عن روسيا والانسجام معها، فالقضية تنطلق من النفط ولا تنتهي عنده بل تتجاوزه أيضاً.
كان واضحاً من التعليق الأمريكي على القرار السعودي أن واشنطن تحاول قدر الإمكان ضبط غضبها والتقليل من شأن الخطوة لتفريغ تداعياتها من مضمونها، إذ قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جاك ساليفان: إن قرار السعودية تمديد خفض إنتاج النفط حتى نهاية 2023، “استمرار للسياسة الحالية وليس حزمة جديدة من التخفيضات.. مجرد استمرار لتلك التخفيضات لمدة ثلاثة أشهر بدلاً من شهر واحد».
وزعم ساليفان أن الشيء الأكثر أهمية، الذي يركز عليه الرئيس الأمريكي جو بايدن، هو الحفاظ على أسعار أقل للمستهلكين في الولايات المتحدة.. وليس مسألة أي دولة تفعل ماذا، هنا أو هناك، سيكون هذا هو المقياس النهائي لمعرفة ما إذا كنا ننجح أم لا؟”.
وحول إن كان هذا القرار سيزيد من فرصة الاجتماع مع السعوديين في منتديات مثل مجموعة العشرين، تابع ساليفان: ليست لدينا حالياً اجتماعات ثنائية مقررة في مجموعة العشرين مع أي من القادة، لا أعتقد أن إعلانهم سيحركنا بطريقة أو أخرى في ما يتعلق بالتعامل مع القادة في مجموعة العشرين.. سنتخذ قراراتنا بشأن ذلك على أساس مجموعة من الاعتبارات أوسع بكثير من أي سياسة واحدة.
اللافت أن ساليفان عاد ليحافظ على العلاقة مع السعودية بعيداً عن قطع الخيط معها، إذ أكد وجود تواصل منتظم مع السعوديين على مستويات متعددة مع وزير الطاقة، ومع قيادتهم وسيستمر ذلك، وهذه محاولة لتخفيف التوتر بين البلدين.
وعلى خلاف ساليفان، رأت صحيفة “فايننشال تايمز” أن القرار الروسي- السعودي بخفض إنتاج النفط يثير التوترات مع البيت الأبيض، الذي انتقد تعاون المملكة الوثيق مع روسيا، مشدداً على أن إدارة بايدن تحرص على إبقاء أسعار محطات الوقود تحت السيطرة قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل، حيث أصبح التضخم وتكاليف الوقود هدفين رئيسيين لهجوم الحزب الجمهوري، أي إن ذاك القرار من شأنه أن يضع المستقبل السياسي لبايدن وحزبه الديمقراطي على المحك الذي يواجه أساساً دعوات لعزله –أي بايدن.
وجاء في تقرير الصحيفة أن قرار تخفيض إنتاج النفط هو أحدث جهد يبذله اثنان من أكبر منتجي النفط في العالم لتعزيز الأسعار على الرغم من أن معظم دول العالم تعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة، كما أن التخفيضات ستؤدي إلى عجز كبير في موازين النفط العالمية وتهدف على ما يبدو إلى إظهار وحدة السعودية وروسيا بشأن السياسة النفطية.
وعرج التقرير على رغبة ولي العهد في رفع أسعار النفط للمساعدة في تمويل برنامجه للإصلاح الاقتصادي، مسلطاً الضوء على دور الأمير عبد العزيز بن سلمان، الأخ غير الشقيق لولي العهد السعودي، الذي يشغل منصب وزير الطاقة في المملكة العربية السعودية، والذي وضع سياسة المملكة النفطية على أساس أكثر حزماً، على الرغم من الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة لزيادة الإنتاج للمساعدة في تهدئة التضخم.
الأمر كله بيد السعودية وواشنطن الخاسر، هذا ما جاء في مقال لصحيفة «إكسبرت رو»، التي رأت أن حروب الأسعار لا تتوقف، وإذا كانت الولايات المتحدة تعتلي صهوة الحصان في العام الماضي، فهي الآن على الأرض في دور الجانب الخاسر. لكن الشيء الأكثر أهمية هو أن النمو السريع لأسعار النفط يمكن أن يؤدي بسرعة كبيرة إلى موجة جديدة من التضخم المتسارع، كما هي الحال عادة. وبعد ذلك سوف يكون لزاماً على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يبحث فيما يجب فعله. ففي نهاية المطاف تبدو أسعار الفائدة الحالية غير محتملة عملياً بالنسبة للاقتصاد، وليس لدى فريق جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أي وسيلة أخرى للتعامل مع ارتفاع أسعار المستهلك.
لذا، تعمل المملكة العربية السعودية بهدوء على خفض الإمدادات العالمية، وعلى ما يبدو أنها ستعيد أسعار النفط إلى أرقام ثلاثية.
وتساءلت الصحيفة: لماذا تفضل السعودية السعر على الحجم؟ الأمر بسيط: ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» سابقاً أن شركة أرامكو السعودية المملوكة للدولة، وهي أكبر شركة نفط في العالم، تخطط لأكبر طرح عام في العالم. ومن أجل الحصول على سعر توظيف جيد، هناك حاجة إلى أسعار مرتفعة للنفط.
وأعلنت روسيا والسعودية أمس عن تمديد الخفض الطوعي لإنتاج وتصدير النفط يومياً حتى نهاية العام الجاري 2023.
ويعني الإعلان أن إنتاج السعودية من النفط من المرجح أن يظل عند 9 ملايين برميل يومياً حتى نهاية كانون الأول، أي أقل بنسبة 25 في المئة من طاقتها القصوى البالغة 12 مليون برميل يومياً.
وصعدت أسعار النفط أمس الثلاثاء، وبلغ “برنت” أعلى مستوى له منذ 18 تشرين الثاني 2022، بعد إعلان روسيا والسعودية عن قرارات لدعم أسواق النفط.