مواطن عربي طفران!
كل الحكاية.. مواطن..عربي طفران يحلم بأن يرمي شباكه في بحار ومحيطات وآبار النفط والغاز التي تطفو عليها أرض العرب ليأتيه السمك الوفير.. وكلما وصل إلى شط الوعود والعهود العربية فاجأه البحر بمد وجزر.. ويصير كغريق يحلم بقشة.. يرى في البعيد أناساً يعيشون في مدن فارهة بعد أن تخلوا عن هويتهم .. بينما ينظر إلى أهله فيتحسر على “العشة ” التي كانت مأوى لهم .. فيتأوه من البحر وأمواجه التي تتقاذفه ما بين الغرق أو أنياب الصخور ويعتب على الحياة ذات الطريق الأعوج ويستغيث بصيادي السمك فيرجع إليه صدى صرخاتهم .
وهكذا يبدو البحر والصياد في حيرة من أمرهما تحت مظلة إجراءات واتفاقيات عربية عائمة لا تسمن ولا تغني من جوع معنونة لتحسين المعيشة، لكن أينما حطت بك القافلة من المحيط إلى الخليج تجد أعيناً ذابلة وأجساداً واهية وبطوناً جائعة .
لكن! ثم لكن! ماذا عن الشعوب العربية المقهورة من الضعف والفقر وتردّي الخدمات وهي ترى بأم عينها ثرواتها تسرق من أراضيها ..وتقرع طبول الصفقات تارة مع الشرق وأخرى مع الغرب وهي حبيسة قمم الانتظار.
لقد كان ثمة حديث عن تكامل عربي ومشروعات استثمارية وبرامج تخطيط اقتصادية .. وينتظر المواطن العربي أن تأتي شمس ذالك اليوم الذي يجمع العرب في اتحاد لا مفر منه ليكون للعرب مقام في عالم لا يعترف إلا بالقوة والعمل والتشبيك.
فهل يعجز البحر العربي المملوء بالكنوز عن منح لقمة كريمة لصياد ضاقت به الحال!؟
هذه الأيام تقرع طبول الحرب في الشرق والغرب، ومع أول صاروخ يطلق كما هي العادة تجد الدخان يتصاعد من هذه الدولة العربية أو تلك.. ويتفرج الآخرون في موكب مهيب ينتظرون ويتساءلون أين موضع الألم القادم!؟
التغير المناخي استطاع أن يبدل بعضاً من سلوك وأفكار العالم لحماية شعوبها من الحر الشديد ومن الكوارث الطبيعية.. لكن البيئة العربية الجافة الصحراوية مازالت تهدر المياه والغذاء وتستظل تحت ظل جبل، حالمة بزراعة واحة من عشرة ملايين شجرة زيتون.
أكثر من 450مليون عربي.. ما زالوا يطربون لأغاني الوحدة العربية .. بعضهم يصعد ويهبط في مطارات عالمية يقدم الهدايا ويخفي وراء أصابعه صرخات من يترقبون.
وها هو الصياد العربي الطفران يعود أدراجه خالي الوفاض يلملم أعشاب البحر التي لم تعد تغري حتى الأسماك الصغيرة، ويهمس في أذن زوجته المتعبة.. اصنعي لأولادنا حساء من أعشاب البحر.. فالأسماك الكبيرة ابتلعت البحر، وباتت تنظر إلينا بعيون فارغة.