السودان.. من يُنهي الحرب؟

مازالت الولايات المتحدة الأميركية تمعن في خراب البلدان الآمنة عن سبق إصرار، لتنهب من خيراتها وتعوض عن الكثير من الذي خسرته وتخسره في مناطق كثيرة من العالم، والأرض الخصبة اليوم هي الدوَل العربية والإفريقية.
نيران الفتنة الأمريكية، بل نيران الحرب الأميركية – الصهيونية تستعِر في السودان وقبلها في أوكرانيا، وكالعادة الشعب والمدنيون هم من يدفعون الثمن، حيث يئِن الشعب من العطش والجوع تحت رحمة المسلحين الذين يدمرون بلدهم اقتصادياً وأمنياً ويضعفونه خدمةً لأميركا و«إسرائيل» بينما لا توجد جهود سلام فاعلة وحقيقية للحَد من شراسة النزاع والجلوس حول طاولة مفاوضات لإنهاء الأزمة، إلَّا أننا نسمع عن وساطات إعلامية كاذبة لا جدوى منها تؤكد تورط المؤسسات الأممية الدولية في تسعير نار الخلافات بين المتصارعين.
أما الآن وقد وقعت الواقعة، فقد بات السودان على مفترق طرق، إما الانزلاق التام في هوة الفوضى والضياع، أو انتزاع العصي من الدواليب لنشأة مستأنفة من براثن المستحيل، وكلا الخيارين يعتمدان في الأساس على الكيفية التي ستنتهى بها الحرب، ألا وهي واحدة من احتمالات عدة، إما تفاوض تفرضه حالة توازن تنتج عنه معادلة سياسة يُحافظ بها على ما تبقى من القوة العسكرية وينال وضعية سياسية معترفاً بها دولياً، ما يعني وقف انهيار الدولة السودانية.. وإما انتصار حاسم للجيش السوداني والدولة وإعادة بناء المجتمع، ووضع الأسس للحفاظ على البناء الوطني والنهوض به.
إذاً الحديث عن مستقبل للدولة السودانية الحديثة لا يستقيم إلا في حالة رجحان الخيار الأخير، وهو الانتصار الحاسم للجيش السوداني في هذه المعركة الوجودية التي يَصعُب التكهن بنتائجها النهائية، وذلك لأنها جاءت مختلفة عن كل الحروب، فالجيش السوداني يواجه عدواً دوافعه وانفعالاته وولاءاته تتبع للخارج، وهذه «غريزية» لم تهذبها حضارة أو تعقلها استنارة.
قصارى القول، إن كل الحروب كيفما كانت الأطراف المتورطة فيها والرهانات التي تحملها على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، تعد كارثة حقيقية بتداعيات لا يمكن توقعها، لذلك من الصعب مبدئياً المقارنة بين الحالتين السودانية والأوكرانية، على سبيل المثال، فلكل من الحربين سياقها الخاص، لكن من اللافت أن الحرب في السودان سرعان ما تتوارى إلى الخلف في اهتمام الإعلام الدولي والغربي تحديداً، مقارنة بما يحدث في أوكرانيا.
الحرب الدائرة رحاها في السودان كارثة بتداعيات لا تقل خطورة عما يحدث في أوكرانيا، ولا يبدو أن الطرفين المتصارعين «الجيش وقوات الدعم السريع» في موقف ميداني يدفعهما إلى وقف جدي لإطلاق النار والجلوس إلى مائدة مفاوضات ذات مصداقية توقف حرباً قد تأتي على الأخضر واليابس، تتحمل فيها المسؤولية قوى إقليمية ودولية، جزئياً على الأقل، حيث يتحالف كل منها مع أحد طرفي النزاع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار