في عيد الجيش.. التاريخ وحده لا يكفي

ثمانية وسبعون عاماً مرّت على تأسيس الجيش العربي السوري، هذه المؤسسة العسكرية الوطنيّة برجالاتها الميامين والتي شكّلت عبر التاريخ سياج الوطن وحصنه الحصين، منذ التأسيس وحتى اليوم خاض هذا الجيش كلّ معارك البطولة والإباء ليسطر أروع ملاحم التضحية والفداء في سبيل عزة الوطن والذود عنه والحفاظ على وحدته واستقلاله.
اليوم تحلّ هذه الذكرى لتؤكد أن ولادة الجيش العربي السوري في الأول من آب عام 1946 كانت نصراً كبيراً حقّقه الشعب العربي السوري بانتصار إرادته وتحقيق مطلبه بأن يكون هذا الجيش هو جيش الشعب المؤمن بقضاياه والمدافع عن أرض الوطن وإرادة الشعب، وإنّه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أنّ جيشنا نشأ على الإيمان بواجبه القومي والعمل به، معتبراً نفسه جيش الأمة العربية، حيث كان منذ نشأته وسيبقى على الدوام رافعاً لواء القومية العربية ولواء الوحدة العربية، والمؤمن بأهداف الأمة ككل، وما زال على العقيدة القومية نفسها التي آمن بها، والتي تقول إنّ القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى للأمة العربية، فكان رائداً في التصدي لمخططات الغرب والكيان الصهيوني لجعل فلسطين وطناً للعصابات الصهيونية، وأصبح جيشنا العظيم حصناً منيعاً أمام أطماع الصهاينة بالتوسع واغتصاب مزيد من الأرض العربية.
فعلى مدى أكثر من سبعة عقود آمن الجيش العربي السوري بالقومية العربية نهجاً، وشارك في جميع المعارك التي خاضتها الأمة العربية وسطّر رجاله ملاحم في البطولة والتضحية والفداء ابتداء بحرب إنقاذ فلسطين عام 1948 مروراً بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وحرب الاستنزاف التي استمرت نحو ست سنوات عقب عدوان حزيران عام 1967 وصولاً إلى حرب تشرين التحريرية عام 1973 والدفاع عن لبنان الشقيق ووحدته في الفترة 1976-1982.
واليوم في ذكرى تأسيسه يمضي الجيش العربي السوري أقوى وأكثر تصميماً على تطهير ما تبقى من ربوع الوطن بإرادته المبنية على قيم الوطنية والعقيدة العسكرية مقترباً من تحقيق النصر النهائي المبني على ما تحقق من إنجازات، فالمعركة التي يخوضها اليوم ضد المجموعات الإرهابية المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية و«إسرائيل» وبعض الدول الإقليمية والعربية، لا تختلف في جوهرها ومضمونها عن معاركه السابقة ضد كل قوى الاستعمار وإن اختلفت الأشكال وتعددت الأساليب، كما أن مواجهته لهذه الحرب الإرهابية الظالمة هي في صلب عقيدته القتالية التي أثبتت صمودها في وجه حملات التحريض والتضليل الإعلامي التي استهدفت تماسكه ووحدته منذ بدء الأزمة في سورية.
لقد استطاعت عبقرية الجيش العربي السوري العسكرية التأقلم سريعاً مع ظروف المعركة الحالية التي يخوضها ضد العصابات الإجرامية المسلحة والانتشار في مختلف المناطق على امتداد مساحة الوطن لحماية المنشآت العامة والخاصة من أعمال السرقة والنهب والتخريب، والتعامل مع مختلف صنوف الأسلحة التقليدية والحديثة، كما تمكنت وحداته القتالية من أخذ زمام المبادرة في أكثر من منطقة وتحقيق انتصارات خاطفة وسريعة على الإرهابيين.
وفي هذه الأيام التي تشنّ فيها قوى الاستعمار الغربي والعملاء عدواناً شرساً على سورية بسبب مواقفها من قضايا الأمة واحتضانها المقاومة، يقوم جيشنا العربي السوري البطل بالتصدي للمؤامرة من خلال عمليات ناجحة ضدّ فلول المجموعات الإرهابية المسلحة في مناطق وجودها لينهي وبشكل كامل أوهام تحقيق أي اختراق في سورية، ويلحق الهزيمة بالمخططات الاستعمارية.
هذا هو الجيش العربي السوري وهذه هي رجالاته، فعندما نتحدث عنه فإننا نتحدث عن أسطورة وتاريخ حافل بالانتصارات والتضحيات، حيث يتقدمون كل يوم في ساحات القتال كلها مؤكدين انتماءهم لوطن وشعب لا يعرف التخاذل والتنازل عن الحقوق الوطنية أو القومية، كما لا يعرف التراجع بل يقاتل ويستمد قوته من إيمانه بالشعب وعلاقته بالأهل والأصدقاء الأوفياء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار