هل يملك كيسنجر طوق نجاة لبايدن؟!

تأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر إلى العاصمة الصينية بكين قبل أيام في توقيت معقد على صعيد العلاقات الصينية- الأمريكية، ورغم أن هذه الزيارة مفاجئة ولم يعلن عنها قبل حدوثها من قبل الطرفين، إلّا أنها زيارة مبطنة، حيث يبدو في ظاهرها للمشاركة في «منتدى الاقتصاد الجديد» الذي يعقد في بكين.
لكن يبدو أن هناك أمراً أكثر أهمية أو حتى يمكن وصفه بالخطير من هذا الحضور، الأمر الذي استدعى زيارة العجوز الأمريكي وثعلب السياسة الأمريكية لبكين ولقاءه كبار المسؤولين الصينيين السياسيين والعسكريين.
ورغم أن تصريحات الإدارة الأمريكية أكدت أن الزيارة تمت بمبادرة شخصية منه وأنه لا علاقة للإدارة الأمريكية بها، إلّا أن المنطق يقول كيف لشخص مثل كيسنجر بلغ من العمر 100 عام أن يتحمل مشاق السفر الطويل لو لم يكن هناك أمرٌ خطير يستوجب ذلك؟
الوقائع تقول إن كيسنجر، لم يذهب إلى بكين من دون التنسيق المسبق مع إدارة الرئيس بايدن، وربما وبتكليف مباشرٍ من إدارته، وفي هذا التوقيت بالذات، حيث تواجه العلاقات الصينية- الأمريكية حالة من التوتر تقترب من المواجهة العسكرية وخاصة في تايوان، والمواجهة السياسية الاقتصاديّة على أرضية الحرب على الدولار والبحث من إيجاد البديل له ونظامه المالي في قمة «بريكس» الشهر المقبل في جنوب إفريقيا، التي ستضع خريطة طريق لإنهاء الهيمنة الأمريكية على مقدرات العالم السياسية والاقتصادية والعسكرية.
صحيح أن آخر زيارة قام بها كيسنجر للصين كوزير خارجية كانت عام 1971، ولكن الصحيح أيضاً أن زيارته الحالية هذه قد تكون آخر فرصة، ليس لإصلاح العلاقات بين البلدين فقط، وإنما أيضاً تخفيف حدة التوتر، وتجنب المواجهة مع الصين عسكرياً على أرضية الخلاف حول تايوان، والحرب الأوكرانيّة.
أمريكا تعيش مأزقاً خطيراً متشعب الجبهات هذه الأيام، وتبحث عن مخارج بأي طريقة، ولعلّ لجوءها إلى الهِرم كيسنجر لمساعدتها في هذا المضمار، هو أحد أكبر عناوين هذا المأزق، وحالة الضعف التي تعيشها على الصعد كافة.
لكن كيسنجر لا يملك طوق نجاة يلقيه لإنقاذ الغريق بايدن، ووقف الانهيار الأمريكي سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فأفكاره باتت من الماضي، والصين اليوم هي غير الصين التي زارها قبل 50 عاماً، ودبلوماسية البينغ بونغ اندثرت، والعالم تغير، وهناك معادلات جديدة تبلورت، وقوى جديدة تصعد، ولا يعرف كيسنجر الذي يعيش في الماضي الكثير من تفاصيلها، والحل الوحيد لبايدن أن يذهب بنفسه إلى بكين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار