عش الدبابير الذي يقلق العدو

لم تكن مدينة جنين بالضفة الغربية في فلسطين، شوكةً في حلق المحتلين الإسرائيليين فحسب، بل كانت وما زالت شعلة للمقاومة، حاربت الاحتلال الفرنسي منذ عشرات السنين فانتقم منها جنود نابليون بونابرت بحرق منازلها وتهجير أهلها، وقاومت الاحتلال البريطاني من بعده فجاء الانتقام البريطاني بتفجير قرابة ربع المدينة.
واليوم يحاول الاحتلال الإسرائيلي أن ينتقم من هذه المدينة في محاولة لإطفاء جذوة المقاومة فيها، فعمد على مرأى ومسمع العالم والأمم المتحدة وأمام أنظاره إلى ارتكاب مجزرة جديدة باقتحام المدينة ومخيمها ضمن عملية عسكرية أطلق عليها جيش الاحتلال «الحديقة والبستان»، وذلك بدعم جوي من الطيران الحربي الذي استهدف بالصواريخ عدة مواقع داخل مخيم جنين وعلى أطرافه، ما أسفر عن وقوع ضحايا أبرياء من المدنيين فى استخدام مفرط وعشوائي للقوة، وانتهاك سافر لأحكام القانون الدولي والشرعية الدولية، ولاسيما القانون الإنساني الدولي.
هذا الهجوم على جنين يعدّ هو الأكبر منذ عملية ما يسمى «السور الواقي» عام 2002، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى في العملية العسكرية الواسعة لاقتحام المدينة.
ولكن رغم هذا العدوان الشرس إلّا أنّه كان هناك تحوّل واضح شهدته جنين من ناحية طبيعة المواجهة مع الاحتلال ومن ناحية تطور عمل المقاومة، إذ لم تمنع هذه الهجمة الكبيرة للاحتلال وإجرامه بحق الشعب الفلسطيني، من أن تتحمّل كتائب المقاومين مع العديد من الفصائل الأخرى، مسؤولية الرّد على العدوان، والتي كان ينحصر عملها على العمليات المتقطّعة والموضعية تجاه الحواجز العسكرية، أو تجمعات المستوطنين، أو تصدٍ لاقتحام ساعات.. على أهمية هذه الأفعال التي شكّلت أرضية مناسبة لإعادة المقاومة إلى الضفة.
المقاومة وللمرة الثانية، تثبت في الميدان أنّها قوّة قادرة على خوض معركة، وما إطلاقها لعملية «بأس جنين»، بعد «بأس الأحرار»، إلّا دليل على أنّ المقاومة امتلكت من العدّة والعديد ما يسمح لها بمواصلة القتال لأيام، فتكون بذلك «إسرائيل» قد فتحت على نفسها النار، بعد أن عبثت بعش الدبابير.
قصارى القول: لا يمكن وصف ما يجرى في مدينة جنين إلّا أنها ساحة حرب مع استمرار عملية العدوان الإسرائيلي على المدينة، واستهداف عناصر جيش الاحتلال الإسرائيلي للطواقم الصحفية ومراسلي القنوات الفضائية، والبنية التحتية ومداهمات للمنازل ونشر القنّاصة فوق الأسطح، وإطلاق النار على كل من يتحرك داخل مخيم جنين، مع وجود صعوبة كبيرة في دخول الأطقم الطبية والإسعاف إلى المخيم لنقل الشهداء والجرحى نتيجة الحصار المفروض من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار