نظّارات لصنّاع المستقبل؟!

يبدو كأن السرَّ في النظارات.. إذا كانت العدسات حمراء ستجد كل شيء أحمَر، وإذا كانت صفراء ستجد كل شيء أصفر، وربما تظن أن اللون الأصفر هو حالة طبيعية للحياة.. وعند الوصول إلى هذه القناعة ينصح صنّاع المستقبل بارتداء النظارات الشفافة كي ترى الأمور على حقيقتها ..
وبالرؤية السليمة إذا لم يكن الهدف هو الإنسان؛ كرامته، رفاهيته أمنه حاجاته.. فما حاجتنا إلى التنمية وما قيمة صناعة الحياة ؟ الاستثمار في الإنسان ضمن “رؤية 2030” هو هدف التنمية لأنه الأهم بين كل الاستثمارات، والاستدامة في هذا المجال هي أيضاً من الثوابت التي يجب أن نشير إليها في كل إستراتيجية، وفي كل قرار وفي كل خطوة نحو التنمية الشاملة.
وعندما تفوز المواهب السورية ويفوز اليافعون الشباب بمراكز أولى وأخرى متقدمة في الأولمبياد والمسابقات العلمية وغيرها، فهذا في الواقع يعكس طموح الوطن والمواطنين نحو اعتلاء أعلى المنصات العالمية، وتؤكد توجهات القيادة والشعب ببناء الحياة مع شعب كريم ومبدع وجبار وعظيم.
الإنجازات المشرفة التي تحققها المواهب السورية في مختلف الميادين الثقافية والرياضية والعلمية والأدبية والفكرية والصناعية و.. تؤكد حقائق موجودة على الأرض، في مقدمتها وجود الكفاءات الوطنية الواعدة في كلّ المجالات، بما في ذلك ميدان الابتكار المليء بالأفكار، والتي تحتاج الى تربة وبيئة مناسبة لتكبر وتزدهر، وقد أثبت الإنسان السوري في معظم المناسبات، أنه يتمتع بكفاءات ومهارات عالية هي في الواقع أساس لمسار التنمية والبناء الاقتصادي، كما أنها الثروة الوطنية الحقيقية، التي تكفل في النهاية النجاح لكل مسار يستهدف مستقبلاً مزدهراً واعداً منتجاً قوياً للبلاد، بما يليق بقدرات وطموحات الناس والوطن.
وبذلك، فانّ ما نأمله من إصلاحات و ريادة وتميز في الأداء والمستقبل مرهون بمدى رعاية هذا الجيل من الشباب والرواد وعقول الأبناء والبنات، وتحفيزهم على بناء مستقبلهم في وطنهم مع عائلاتهم وأصدقائهم وأحبابهم.
لكن.. ما يجري على الواقع مؤلم إلى حدٍّ كبير، فخريجو الجامعات على سبيل المثال لا يكادون يجدون فرصاً حقيقية لمتابعة تحصيلهم العلمي والأكاديمي إلّا عبر قنوات تتطلب ما ليس في طاقتهم وطاقة أهلهم باستثناء عدد محدود ممن تتاح لهم الفرص بالحصول على مقعد للدراسات العليا في الجامعات الحكومية وماذا عن آلاف الخريجين.. الكل يفتش عن فرصة لصنع الحياة وثمة من يتلقفهم، واليوم لا نتوجه للحكومة بل نصوِّب البوصلة نحو القطاع الخاص الذي لم يقم حتى الآن بدوره المفترض تجاه الموهوبين من خلال تشجيعهم، واحتوائهم، وتوفير الدعم الحقيقي عبر التدريب والتطوير، واستغلال الإمكانات الاستثنائية.
كما أن الجامعات هي الأخرى لم تقدم مبادرات مؤثرة على صعيد الموهوبين، رغم أهمية دورها وضرورة وجودها بفاعلية في هذا الشأن، لكونها الأساس الذي يبني أجيال المستقبل، وبالتالي فإنه ينتظر منها مواكبة هذه النجاحات وتبني المبدعين وتقديم كل ما من شأنه تأهيلهم واستثمارهم بالشكل الأمثل لمصلحة مستقبل الوطن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار