بعد فتور كبير في العلاقات الأميركية- الصينية امتد لأكثر من خمس سنوات لم يشهد فيها البلدان أي زيارات على مستويات رفيعة أو تفاهمات على قضايا مهمة، وساد هذه الفترة توتر حاد بسبب تايوان، وجاءت زيارة أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي إلى بكين لمدة يومين وهي أول زيارة لمسؤول أميركي على هذا المستوى لتحريك العلاقات ومعالجة القضايا العالقة وأهمها العلاقات العسكرية التي توقفت بين البلدين بعد انزعاج الصين من زيارات كبار المسؤولين الأميركيين إلى تايوان والإدلاء بتصريحات مُعادية للصين.
في هذه الأجواء ماذا حققت زيارة بلينكن؟
في الحقيقة ما كانت تريده واشنطن من وراء الزيارة أمر أساسي وهو العودة إلى الاتفاق العسكري وامتناع الصين عن الوقوف إلى جانب روسيا في حربها الأوكرانية وعدم إمدادها بالأسلحة، وردّت الصين بأن موقفها من الحرب في أوكرانيا واضح منذ البداية، أما فيما يتعلق بتزويد روسيا بالأسلحة فهذا غير صحيح، وما يجري هو عبارة عن علاقة روسية مع شركات خاصة لبيع أسلحة من الصين وبذلك استمرت الحال على حالها.
وعلى الرغم من أن الرئيس الصيني استقبل وزير الخارجية الأميركي بلينكن لمدة نصف ساعة إلا أن البيان الصادر عن الاجتماع لم يقدم ما يوحي بالتغلب على العقبات الكبيرة التي تؤخر تقدم العلاقات وأولها قضية تايوان من جهة، وتحكم واشنطن بهذه العلاقات، بحيث لا يتاح للصين أن تصبح قوة منافسة أو قطباً عالمياً ثانياً، فالانفراد بزعامة العالم مسألة إستراتيجية على قدر كبير من الأهمية لدى صنّاع القرار في واشنطن وهي من الأسباب الرئيسة لإشعال واشنطن الحرب في أوكرانيا واستنزاف روسيا وصرفها عن التفكير في منافسة الولايات الولايات المتحدة على زعامة العالم.
جاءت زيارة بلينكن في أجواء مشحونة بين الطرفين، وخاصة حول ما جرى بشأن تايوان وتمادي واشنطن في دعم الحكومة الانفصالية في الجزيرة، وزادت من هذا الدعم في الآونة الأخيرة، واضطرت بكين لإجراء مناورات عسكرية كادت تؤدي إلى اصطدام عسكري ببن البلدين، لذلك ليس من السهل أن تقبل الصين بأن تبقى الولايات المتحدة الأميركية تمارس غطرستها وفرض شروطها، ولاسيما أن الصين لم تعد القوة الثانوية في العالم، بل أصبحت تنافس الولايات المتحدة في كل المجالات وتتفوق في بعضها، ويبدو أنها مصممة على رفض الشروط الأميركية، ولن تقبل بالإملاءات الأميركية من أي نوع وخاصة في أمور السيادة وعلاقاتها الدولية.
tu.saqr@gmail.com
د.تركي صقر
90 المشاركات