الثقافة.. لا منجى من التحوّل الرقمي
إطلاق الأحكام وتعميمها من أسوأ الأمراض التي قد تصيب شريحة من المثقفين، ونعتقد أنه من العدالة إعطاء الفرصة لكل ما هو جديد ومن ذلك الأدب الرقمي شعراً كان أم قصة أو حتى فناً تشكيلياً ..
لقد أتاحت مواقع التواصل الإعلامي الفرصة للنشر المباشر ورغم إساءة استخدام البعض لهذه الميزة ونشر ما لا يليق بالأدب تحت يافطة الأدب الرقمي، إلّا أن ثمة تجارب إبداعية حقيقية تستحق الوقوف عندها والتأمل بحيثياتها لأنها تتضمن الكثير من الصدق والإخلاص والإبداع الحقيقي .
ويحق لنا أن نتساءل باسم هذه الشريحة؛ لماذا لا يتم الاعتراف بالأدب الرقمي كتطور طبيعي للأدب، ففي حين استفاد الاقتصاد والسياسة والاجتماع من برامج النشر، لماذا نحرم هذه التقنية على الأدباء ولماذا لا يستفيدون هم أيضاً من التقنيات الرقمية في صياغة الأدب الحديث أو الأدب الرقمي والذي يتحقق من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات إبداعاً وتلقياً، بالمقارنة مع أي نوع أدبي آخر لا يتم إنتاجه من خلال أحد التطبيقات الرقمية ولا يتم تلقيه من خلال هذه البرامجيات فإنه لا يعد رقمياً.
وبالأخذ بالحسبان تطور الفكر البشري من الشفهي إلى الكتابي ومن ثم إلى الرقمي فهذا تطور طبيعي من الورقي إلى التكنولوجي، ولاسيما أن هذه المنجزات تشمل مختلف مجالات النقد والإبداع .
وليس المقصود بالأدب الرقمي كل ما ينشر على مواقع التواصل لأن وسائل النشر من مواقع تواصل وغيرها تبقى أدوات نشرٍ وليست أدوات إبداع، وأغلبية ما ينشر هو محاولات للتعبير وغالباً ما تكون عابرة .
لكن ذلك لا يمنع من وجود حالات إبداعية أدبية حقيقية ولا داعٍ للتشدد والخوف من هذا الأدب الجديد القادم والذي قد يستفيد من مزايا الصوت والصورة والفيديو في إنتاجه المستقبلي .
إنّ الساعة كما عهدناها لا ترجع إلى الوراء ولابدّ من وضع معايير وتقييم لنكون على استعداد لاستقبال القطار القادم .