الحوار أو المواجهة، التعاون أو الخلاف، هذه خيارات وضعتها الصين أمام وزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن، في زيارته إلى العاصمة بكين خلال اليومين الماضيين.
الأجواء الصادرة عن الزيارة، التي تُعد الأولى من نوعها لوزير خارجية أميركي منذ خمس سنوات، ليست إيجابية جداً، إذ إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق حاسم حول نقاط الخلاف الأساسية: تايوان، العقوبات المفروضة على شركات صينية عملاقة في المجال الرقمي، حقوق الإنسان، التجارة، والمطالب الصينية في ما يتعلق ببحر الصين الجنوبي.
إذاً، هذه الزيارة ليست مجرد «أبهة» أو رمزية، فبالنسبة للجانب الأمريكي لم تعتمد نتائج زيارة بلينكن مبدأ «كل شيء أو لا شيء»، بل نقطة ما بينهما، عبّر عنها الرئيس الصيني بتعبير «أرضيات تفاهم»، كما عبّر عنها بلينكن بالقول: إنّ «التواصل المستمر على المستويات العليا أفضل طريقة لإدارة الخلافات»، ففي دار الضيافة، خيّر كبير مسؤولي الشؤون الخارجية الصيني، ممثل الدبلوماسية الأميركية بين أمرين إمّا التعاون أو الخلاف، والحوار أو المواجهة ورغم الابتسامات أمام الكاميرات إلّا أن الدبلوماسي الصيني رسم خطاً أمام ضيفه الأميركي مفاده: يجب على الولايات المتحدة أن تحترم فعلاً مبدأ الصين واحدة واحترام سيادة الصين وسلامة أراضيها.
وفي المحصلة فإن النتائج الحقيقية من هذه الزيارة تعتمد على ما الذي يريده الطرفان من هذه المباحثات؟ والأصح ما الذي يريده الجانب الأميركي، لأنه هو الذي أرسل بلينكن إلى بكين، وهو الذي قام بما يشبه الاستدارة وتلطيف المواقف، ولنا في ذلك مثال حيث استبق الرئيس الأميركي جو بايدن زيارة وزير خارجيته وقام بتبرئة الصين من «النيات التجسسية» في واقعة المنطاد الذي أسقطه سلاح الجو الأميركي بعدما قطع الأجواء كلها فوق الولايات المتحدة، في كانون الثاني الماضي.
يبدو أن زيارة بلينكن إلى الصين جاءت في محاولة لإذابة الجليد الدبلوماسي بين الولايات المتحدة والصين، خاصة أن العلاقات بين البلدين مرت بعدد من المراحل، تراوحت بين العداء والتعاون والتحالف خلال الحقبة الأخيرة من الحرب الباردة.
أمين الدريوسي
34 المشاركات