استبق بلينكن زيارته إلى السعودية بزيارة لمنظمة «إيباك» الصهيونية في واشنطن، وصرّح من هناك حول زيارته الحالية إلى السعودية وهي الزيارة الأولى له بعد عودة العلاقات السعودية – الإيرانية التي فاجأت إدارة بايدن وبخاصة أنها تمت برعاية صينية، وركز على دفع الأمور باتجاه الإسراع بتطبيع العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني وعدّ ذلك مصلحة أساسية من مصالح الولايات المتحدة الأميركية.
لا نريد أن نستبق نتائج الزيارة ولكن المعطيات الراهنة لا تشي بأن ما يسعى إليه بلينكن سيكون في متناول اليد، أو كما يظن أن الرياض كما كانت في الماضي تنفذ أوامر البيت الأبيض من دون نقاش أو تردد ومن دون الحاجة إلى زيارة أعلى مسؤول أميركي إلى العاصمة السعودية، فالعلاقات السعودية الأميركية ليست في أحسن أحوالها، ومقاربة بسيطة بين زيارة بلينكن إلى الرياض وزيارة الرئيس الصيني.. والمقاربة بين نتائج الزيارتين تقدم دليلاً واضحاً على بداية تبدل ملحوظ في السياسة السعودية الخارجية، يُضاف إليها أن الرياض خالفت الإدارة الأميركية ورفضت رغبة واشنطن في الاتفاق مع موسكو على تقليص إنتاج النفط في اجتماع منظمة أوبك الأخير.
وبالطبع لا تريد واشنطن أن ترى الرياض عضواً في «بريكس»، حضرت السعودية اجتماع دول أصدقاء «بريكس» تمهيداً لدخولها وأثار ذلك امتعاضاً كبيراً لدى واشنطن، وفي موضوع اجتماع القمة العربية الأخير خالفت الرياض الإرادة الأميركية ودعت سورية للاجتماع وساعدت في عودتها إلى الجامعة العربية ولم تصغِ لرفض إدارة بايدن التي صرّحت علناً قبل القمة وبعدها بوجوب استمرار استبعاد سورية عن القمة وعدم رضاها عن إعادة أي دولة عربية علاقاتها مع دمشق حيث توقعنا أن تعيد الدول العربية كلها العلاقات مع سورية بعد حضورها القمة العربية.
حتى إن بايدن عندما زار السعودية لم يأتِ بدعوة رسمية من الملك، وخلال الفترة الماضية تراجعت حرارة العلاقات السعودية الأميركية، والزيارات على مستويات عالية من السعودية إلى واشنطن بخلاف السنوات السابقة، وبدأت الرياض تأخذ منحىً جديداً في علاقاتها مع موسكو وزادت زيارات المسؤولين الروس إلى السعودية وخاصة وزير الخارجية سيرغي لافروف، وكان الموقف السعودي من الحرب في أوكرانيا لافتاً وغير متوقع، وقد انسحب هذا على دول الخليج ودول عربية أخرى مع إن واشنطن عملت على إيجاد أوسع حشد دولي لمحاربة موسكو ومقاطعتها بسبب الحرب في أوكرانيا التي هي من حرّض الحكومة الأوكرانية على اندلاع هذا الصراع الذي وجدت فيه ضالتها لإضعاف روسيا والتفرغ للانفراد بالصين من خلال تحريض تايوان وتفجير حرب هناك على غرار الحرب في أوكرانيا.
د.تركي صقر
90 المشاركات