قبل اثني عشر عاماً لم نكن كسوريين نُعنى باجتماع العرب ولا بقرارات الجامعة العربية لاعتبارات أقلّها هو بعدها عن مصالح العرب كل العرب.
هذا العام يبدو المشهد مختلفاً، فالواقع يشي بالمستقبل ويحق لنا أن نتفاءل عندما ينزعج الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وعندما تتفاجأ الإدارة الأمريكية بلمِّ الشمل العربي من جديد، فهذا يعني أنها لم تعد تدير اللعبة ولم تعد ممسكة بالخيوط، وثمة من سئم الإملاءات والأوامر وبدأ يشعر بأن له وزناً يؤهله لأن يكون مستقلاً في قراءته للواقع، ومعرفته أين تكمن المصلحة المحلية والإقليمية، ومن يجب أن يكون حليفاً ندّاً لا سيّداً متسلطاً.
في قمة العرب هذا العام كان هناك إصرار من الجميع على ترك الماضي خلف الظهر والنظر إلى المستقبل لأن نكء الجراح لا ينتج إلّا مزيداً من الألم وتقليب المواجع وزيادة الفرقة وتعميق التشتت والعزلة.
ما يستحق التفاؤل الحذر هو الأحداث المتسارعة والإيجابية التي حصلت خلال هذا العام بدءاً من التفاهم الإيراني- السعودي مروراً بالتهدئة في اليمن وصولاً إلى عودة العرب إلى سورية، وملاقاة القيادة السورية لأشقائها بمزيد من الإرادة لإنجاح العمل العربي المشترك وإحياء الألفة والتواصل بدلاً من العداوة والقطيعة.
وللمرة الأولى تبدو الولايات المتحدة الأمريكية متفاجئة بما أقدم عليه بعض الحكام العرب التي كانت تعتقد أنهم لا يجرؤون على القيام بأمر لا ترضى عنه ولا تباركه ولا تعطي له شارة البدء، وللمرة الأولى أيضاً تشعر الإدارة الأمريكية بتراخي قبضتها على المنطقة وبدء العد العكسي لحلول منافس قوي لها يطرح شعار المصلحة المتبادلة بديلاً عن السيطرة والتسلط الأعمى، ورأب الصدع بدلاً من تعميقه، وتصفير الخلافات بدلاً من تأجيجها.
أمام هذه المعطيات يحق للمتابع أن يتفاءل بالمستقبل ويدعو له بمزيد من التقدم والتطور وعدم العودة إلى الوراء، ففي التاريخ عِبر، وفي العقول فكر، وفي المستقبل أمل.
هيثم صالح
36 المشاركات