جدة – دمشق

انكشف عن القلب قناعه.. فهل زالت الأوهام والشكوك.. كانت القمة العربية في جدة والعين على سورية، وعلى قيادتها..
الرئيس بشار الأسد كان مباشراً وصريحاً وصادقاً كعادته عندما تساءل من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة بدءاً من الأمل الدافع للإنجاز والعمل ..
كانت العيون ترنو إلى ما ستقوله سورية بعد غياب 12 عاماً وكان الجواب حاضراً فالعمل العربي المشترك بحاجة لرؤى وإستراتيجيات وأهداف مشتركة نحوِّلها لاحقاً إلى خطط تنفيذية وبحاجة إلى سياسة موحدة ومبادئ ثابتة وآليات وضوابط واضحة عندها سننتقل من رد الفعل إلى استباق الأحداث، وستكون الجامعة متنفساً في حالة الحصار لا شريكاً به، وملجأ من العدوان لا منصة له .
كلمات الرئيس الأسد كانت تحمل الكثير من الصفح الجميل والعفو والأمل، فسورية ماضيها وحاضرها ومستقبلها هو العروبة لكنها حسب توصيف الرئيس الأسد عروبة الانتماء لا عروبة الأحضان؛ فالأحضان عابرة أما الانتماء فدائم وربما ينتقل الإنسان من حضن إلى آخر لسبب ما لكنه لا يغيِّر انتماءه، أما من يغيِّره فهو من دون انتماء من الأساس، ومن يقع في القلب لا يقبع في الحضن، وسورية قلب العروبة وفي قلبها. علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نَغرقَ، ونُغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب.
الرئيس الأسد وضع عناوين هامة لما بعد القمة مؤكداً أن العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، مبيناً أن الحلول تكون في دور جديد للجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها.
كانت الهموم والأزمات التي تعانيها الشعوب العربية حاضرة في كلمة الرئيس الأسد من خلال التطرق إلى القضايا التي تشغلنا يومياً لافتاً أنه لا يمكننا معالجة الأمراض عبر معالجة الأعراض، فكل تلك القضايا تنتمي لعناوين أكبر لم تعالج في مراحل سابقة، لا بدّ من معالجة التصدعات التي نشأت خلال عقد مضى والأهم هو ترك القضايا الداخلية لشعوبها لإدارة شؤونها، وماعلينا إلّا أن نمنع التدخلات الخارجية في شؤونها.
ويمكن القول: الإعلان عن بداية مرحلة جديد للعمل العربي، للتضامن لتحقيق السلام في منطقتنا والتنمية والازدهار بدلاً من الحرب والدمار.
كان من العناوين المهمة في كلمة الرئيس الأسد خلال أعمال القمة العربية الـ32 الشكر للوفود الذين عبّروا عن المودة المتأصلة تجاه سورية، وشكر خادم الحرمين الشريفين على الدور الكبير الذي قام به والجهود المكثفة التي بذلها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولإنجاح هذه القمة والأمنيات له ولسمو ولي العهد وللشعب السعودي الشقيق دوام التقدم والازدهار .
والإجماع العربي في كلمات القادة والرؤساء والملوك والوفود العربية دعت إلى طي صفحة الماضي لتكون المصالح العربية معياراً للمواقف الدولية .
جدة – دمشق خريطة طريق للتحرك العربي على المستوى السياسي والاقتصادي.. والأمير محمد بن سلمان مهَّد لعهدٍ عربيٍّ جديد فما قبل القمة ليس كبعدها، ولن يسمح بأن تتحول منطقتنا لميدان من الصراعات، مع الدعوة لطي صفحة الماضي التي تعثرت بسببها مسيرة التنمية.
يمكن القول إن النجاح الأول لقمة جدة تمثل في “تصفير الأزمات” وصياغة رؤية جماعية وإعادة بلورة آليات العمل العربي المشترك في ظل تحديات إقليمية وعالمية والنجاحات قادمة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار