العودة الميمونة..

تطورات متسارعة تشهدها الساحتان العربية والدولية، لعلّ أبرزها قرار التصحيح الذي اتخذه وزراء الخارجية العرب في القاهرة مؤخراً باستئناف سورية عضويتها في الجامعة العربية بعد اثني عشر عاماً من الانقطاع، ونتوقع أن ينتعش العمل العربي المشترك في المرحلة القادمة بوجود سورية وحرصها على لمّ الشمل العربي وفعالية القرارات العربية.

ولاقى القرار الذي اتخذ بالإجماع ترحيباً منقطع النظير على المستويين العربي والعالمي، ما يشير إلى مكانة سورية العربية والدولية، وأن الحرب الإرهابية التي شنت عليها منذ عقد ونيف من السنوات كانت تهدف فيما تهدف لتقويض هذا الدور من الأساس، وتالياً إضعاف القدرات العربية إلى درجة حذفها من معادلات الصراع في المنطقة ليبقى الكيان الصهيوني صاحب اليد الطولى في المنطقة وصاحب الكلمة الحاسمة في توجهاتها وتصفية القضية المركزية وفقاً لما يرسمه هذا الكيان الغاصب.

وفي أعقاب اتخاذ القرار تبين أن الطرف الأمريكي والإسرائيلي فوجئ بالقرار ولم يكن متوقعاً حصوله بهذه السرعة أو إنه صدر من دون شروط أو التزامات، ما يشير إلى تراجع تأثير الضغوط الأمريكية إلى حدِّ ما في قرارات بعض الدول العربية التي بدأت تخرج من الطوق الأمريكي وتنسحب شيئاً فشيئاً من بيت الطاعة الأمريكي، الذي تحكم بسياسات بعض الدول العربية بشكل مطلق، والتصريحات الأمريكية التي صدرت من مسوؤلين كبار في إدارة بايدن تشير إلى ذلك بوضوح وتأتي هذه المواقف بعد نجاح الوساطة الصينية التي أدت إلى إعادة العلاقات الإيرانية السعودية من دون أي دور للولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما لم يحصل سابقاً ولو لمرة واحدة.

وليست الولايات المتحدة الأمريكية وحدها المنزعجة من عودة سورية إلى عضويتها في الجامعة العربية فهناك حكومة الكيان الإسرائيلي التي «لم تعطِ فرحتها لأحد» طوال السنوات العشر الماضية بعدم وجود سورية في الجامعة العربية فقد حسبت أن فترة غياب سورية عن الجامعة العربية فترة ذهبية.

وفعلاً حققت في هذه الفترة علاقات واسعة مع بعض الدول العربية من دون وجود صوت معارض وكانت تتوقع أن تتزايد أعداد الدول العربية التي ترغب بعلاقات مفتوحة معها وقد بذلت جهوداً مضنية لكي تحول الصراع في المنطقة من صراع عربي- إسرائيلي إلى صراع عربي- إيراني، وكادت تصل إلى هذه النتيجة ولكن الاتفاق الإيراني- السعودي برعاية صينية قوّض هذه الأحلام، وإذا ما استمرت العلاقات الإيرانية – العربية في التحسن فإنّ الآمال الإسرائيلية في هذا المنحى ستغدو ضرباً من الخيال.

tu.saqr@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار