السمّو بالتّشارك

ما إن يكتب شخص ما، منشوراً غير إنساني على جدار أزرق عام، حتى يؤازره الكثير من المتابعين من دون أي تفكير أو تحليل لمضمون المنشور، رغم أن المنشور يسخر من دولة ما، تُقيم مهرجاناً شعرياً أو مسرحياً، أو أي مهرجان يختص بفن من الفنون، ولا تكون هذه الدولة مُنتجةً بكثرة لهذا الفن، ما يستحق السخرية من وجهة نظره! رغم أن المنطق يقول حتى تتطور في أي مجال فني عليك إقامة مهرجان له سواء على نطاق الدولة ذاتها أو أن يكون عربياً أو دولياً، فالاستضافة كلّما توسعت تعني التنويع والتعدد وكثرة التجارب التي يمكن لفناني البلد المُضِيف أن يستفيدوا منها من خلال المشاهدة أولاً، وثانياً بالاحتكاك بمن أبدعها خلال الندوات التي يمكن أن تقام على هامش فعاليات المهرجان. فالمنتجات الحضارية متعددة لا بد من أن تتنوع في أي بلد، وإقامة أي مهرجان لأي نوع منها يعني أن الدولة التي تقيم مهرجاناً ما أو تظاهرة ما، تكون قد تهيأت لها ببنية تحتية تليق بها، وتضاهي بها دولاً أخرى، والأهم من ذلك إن لم تدفعنا المنتجات الحضارية للتشارك الإنساني فما الذي سيجعلنا نشعر أننا داخل دائرة واحدة نفتخر بالانتساب إليها، وهي دائرة الإنسانية التي تدفعنا للسمو نحوها كل المنتجات الحضارية؟
فدائماً هي التي تربط الشعوب، والتي تحيي كل الروابط بينهم، فمن غير المقبول الاستهتار بالإنتاج المسرحي في دولة ثانية، أو استنكار قدرة دولة ثالثة حديثاً على إنتاج أفلام سينمائية، إذ إنه من نافل القول إن ما ننتجه حضارياً هو ما سيبقى للتاريخ سواء كان فنياً أو أدبياً أو رياضياً أو علمياً، فما أجمل أن نقول للآخرين نحن نسمو معاً، هاتوا أفلامكم السينمائية لنعرضها لدينا ولا تتأخروا في توجيه الدعوات لفرقنا المسرحية، وأن تظل هذه الدعوات لكل أنواع الفنون قائمة في أي وقت، حتى خارج ميعاد عقد المهرجانات والتظاهرات، وأن نستغل وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز هذا التوجّه، لا أن نسخر من إقامة أي نشاط إبداعي وفني في دولة بدأت حديثاً بالاهتمام بنشاط فني ما، لم يكن لديها هذا التوجه سابقاً. فلعلنا نسمّو جميعاً بالتشارك وبالموقف وليس فقط بالآداب والفنون.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار