إهمال الحوار!
نزعم أن الجدار الأزرق ساهم إلى حد كبير في جلد الذات، خاصة خلال السنوات الأخيرة بسبب الحروب التي عانتها بعض البلاد العربية، ولا ندري ما فائدة جلد الذات من دون تقديم اقتراحات للخروج من أي مشكلة أو إشكالية أو مسألة نعانيها. فإن نطرح في منشور، ما يخص مسألة فكرية هامة تتضمن سياسة واجتماعاً وعمراناً وثقافة ومفاهيم وعلوم أخرى، ويتفاعل ناشره مع بعض التعليقات ويهمل التي تناقض وجهة نظره، مسألةٌ تُخالف أدبيات هذا الجدار. فمن غير اللائق بالصداقة نشر وجهتي نظر، واحدة لابن خلدون والثانية لأرنولد توينبي، تقاربان فكرة ارتباط الحضارة بالـ”مدينة”، ثم نشر تساؤل في ضوء ذلك إن كان العرب قد بنوا مدينة أم لا، من باب الشك بذلك، وتالياً تجد التفاعل غير عادل مع تعليقات الأصدقاء. وبغض النظر عن الإجابة التي تفرض نفسها والتي تنفي حتماً شك السؤال، كيف يمكن لنا أن نستشهد برأي لمفكرين أو عالمين يفصل بينهما قرون عدة، فابن خلدون توفي عام 1406 ميلادي، في حين توفي توينبي عام 1975 ، فخلال الزمن الطويل جداً الذي يفصل بينهما، تغيّرت العلوم والمفاهيم والنظريات الاجتماعية والسياسية، ما يعني عدم استواء وضع فكرهما المتجسد بوجهة نظرهما، كنقيضين، أو كتوافق في التوجّه، لأن المنطق في زعمنا غير علمي ويندرج ضمن باب جلد الذات لنا كعرب، ونحن الذين أنجزنا مثل بعض الأمم (مدينة) التي تعني من بين ما تعنيه وفق وجهة نظر توينبي “القانون والأخلاق والسياسة والسلطة والأحزاب والمؤسسات والدستور والسيادة، إلى آخر ما هنالك” رغم ما يشوب ذلك، على هذا النحو أو ذاك، في أكثر من بلد. والمهم في طرح مثل هذا السؤال الاتهام إن العرب لا يعرفون السياسة بسبب طبعهم البدوي، وفق ابن خلدون، لا يصح إلاّ ضمن شرطه التاريخي فقط، ولا يجوز وضعه في سياق زمني لاحق، لنفي إمكانية بناء العرب “مدينة “. فطرح مثل هذه المسألة يفترض مناقشتها إن لم تكن متحققة، للوصول إلى أسباب علّتها، فمحاولة مقاربة الإجابة نحصل عليها بكثرة التفاعلات واختلافها وغناها، لا ببطولة طرح السؤال وإهمال الحوار!