عين على الثقافة

1

في كلِّ مساجلةٍ أدبية، وحتى في المساجلات السياسية مؤخراً على كثرتها “الحربجية”، غالباً ما نسمع العبارة التالية: “لقد قال فيه ما لم يقله مالكٌ في الخمر”، أو “بيني وبينه ما صنع الحداد”.. لكن أحدا ما، لم يعرف ماذا قال مالكٌ في الخمر، أو ربما هم الذين يعرفون، وأجزم أن أحدا ما، ممن يردد هذه العبارة الشهيرة لكثرة ما تتردد، أنه لم يعرف مالكاً، ولم يعرف ماذا صنع الحداد، ولا كيف اختلط “الحابل بالنابل”. بالمناسبة، ماذا قال مالك في الخمر، ومن هو مالكٌ هذا، وهل من يعلم كيف اختلط الحابلُ بالنابل؟!
2
رغم كل ما تتمظهر به الفنون التشكيلية من نخبوية على صعيد التلقي، غير أنه يُحسب لها أنها الأكثر تشابكاً مع مختلف أنواع الفنون والإبداعات الأخرى، مع أنّ هذا “التشابك” كان غالباً ما يجعلها “خلفية” للنوع الإبداعي الذي تتشابك معه، حتى إن المبدعين الذين يشتغلون بالتشكيل إلى جانب أنواع إبداعية أخرى، غالباً ما يُعرفون بذلك الجانب الإبداعي، وليس بالتشكيل، أدونيس ونزيه أبو عفش مثالان هنا، وبالنسبة إلى القصيدة طالما كانت الأخيرة موحية للوحة لأن تبني منها وعليها، يشبه الأمر بتلك العلاقة بين الرواية والسينما، والدراما التلفزيونية.. رغم كل ما تقدّم بقي العمل التشكيلي – لوحة ونحت وحفر – غريباً في الصالات، وحتى على الناصية!
3
كرهبةٍ ما، تُشبه “القداسة”، هي السمة الغالبة في النظر للأشياء في العالم العربي، وأعتقد أن مثل هذه “الرهبة” هي من الأسباب التي حدّت من المبادرة، والإضافات الجديدة، سواء في الإنتاج الإبداعي الخلاق، أو حتى في الاشتغال على الإبداع المتوارث.
فهذه الرؤية من التفكير، تخلق نوعاً من العطالة الفكرية، باعتبار أن الأفكار والأعمال الإبداعية السابقة منجزة ومنتهية، وليس من مجال لأي إضافات جديدة، أو حتى تعديلٍ بسيط، وليس على “الخلف” إلا المراوحة والسير على ما أنجزه “السلف” ، أو على مبدأ “اعمل على هذا النحو”.
هامش
__وفي الختام‌‏؛
تماسكنّا بالأيدي،
وتشابكت الأصابع‌‏
على نيّة العراك‌‏..
وبعد حين من دفء الشفاه‌‏
عدلنا عن رأينا‌‏،
فأمسينا “نتلاسن‌‏”،
وبقينا كذلك حتى صياح الديك‌‏.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار