ما بعد المونديال
أسبوعٌ مرّ على انتهاء المونديال، ويبدو أن الحديث عن الاكتئاب بعده لم يكن مزحةً، حتى بالنسبة لأولئك الذين استقوا معلوماتهم عن اللعبة من مسلسلات الأطفال«الكابتن ماجد» و«الكابتن رابح»، و«الكابتن ثابت»، وفي موازاتهم من لا يعرفون أكثر من فكرة أن الهدف يعني وضع الكرة في مرمى الآخر، كلهم انتهت عندهم الجرعة الزائدة من الحماس والتشويق، وفي سياقها الغضب من أجل فريقٍ مُفضل أو لاعبٍ نجم، وانتظار هدف أو ضربة جزاء، تليها قفزات وصراخ وابتهاج، ومن ثم التعاطي مع الفوز كما لو كان انتصاراً وإنجازاً شخصياً.
ربما وجد المشجعون في البيوت والمقاهي والحدائق شيئاً يُشبه ما يُعايشه الآخرون في أمكنةٍ أخرى، شيئاً يلتف حول اليأس وانطفاء الرغبة والتفكير في كيفية الوصول إلى أي نقطة في دمشق بأقل من 7 آلاف ليرة في رحلة الذهاب، لأن الرجوع إلى البيت مباراةٌ من نوعٍ آخر، لا حَكَم فيها ولا صفارة ولا بطاقات صفراء وحمراء، عليك أن تنجح في الركض وراء «سرفيس» وتجد لنفسك مكاناً ما، حتى لو اضطررت لحشر نفسك بين الأقدام، هذا يُعادل ضربة جزاء في الدقيقة الأخيرة، وإلّا ستكون النتيجة دفع المبلغ ذاته مرة أخرى، وهذه هزيمة تستدعي البكاء.
المتعة القصيرة والمجانية، انتهت، ومعها عاد كل شيءٍ إلى ما كان عليه، لم يعد لدينا ما نشغل أنفسنا به كما يفعل الملايين ممن ينعمون بالدفء في الصباحات الباردة، فكيف لا نكتئب!.
ينصح بعض الأطباء النفسيين بتجنب إعادة متابعة المباريات مرة ثانية، ويجتهد آخرون في تعداد أسباب اختلاف المستويات بين الفرق واللاعبين المحليين والعالميين، حتى لا تزداد أعداد المكتئبين، ولعلّ ما وصلت إليه الدراسات ينطبق علينا، يقولون إن المصابين باكتئاب ما بعد المونديال، هم في الأصل أرضيةٌ هشّة للاكتئاب، نتيجة فشلٍ وخساراتٍ مُتراكمة، سيتفاقم مع العودة إلى الروتين ومشكلات الحياة وما تم تأجيله أو إزاحته مع بدء الحدث الكروي العالمي، وفي النتيجة كنا نخوض مبارياتٍ من نوعٍ خاص، وها نحن نعود لنتابع الركض نحو مرمى يتحرك في كل الاتجاهات.