المسرحُ وقوننة اختصاصاته
لا يزال حال المسرح بشكل عام يعاني الكثير من المعوّقات، وفي مقدمتها آلية إنتاج العروض في مديرية المسارح والموسيقا- المسرح القومي، ونقابة الفنانين التي نادراً ما تنتج عرضاً، فلا تزال المكافآت زهيدة جداً قياساً إلى غلاء المعيشة الذي يكوي معظم شرائح الناس، وهي زهيدة من قبل سنوات الحرب، فكيف الحال الآن؟! وكنا قد طالبنا في مقال سابق بضرورة أن تعمد وزارة الثقافة إلى رفع المكافآت أسوة بما رفعته من سعر الكلمة للكتب المؤلفة والمترجمة التي تصدرها الهيئة العامة السورية للكتاب. ونشير في هذه السطور إلى ضرورة رفعها لأن المكافأة الزهيدة تدفع بالمخرجين إلى أن يقدموا أنفسهم «معدّين أو كتّاباً»، «مخرجين وممثلين» في أن معاً، أي أن يجمعوا بأكثر من صفة لهم، لأجل أن يأخذوا أكبر قدر ممكن من المكافآت. وهذه الطريقة أثبتت إخفاقها في الأعم منها، فليس كل المخرجين لديهم القدرة على الإعداد، أو الكتابة، أو حتى التمثيل، وإن أحسنوا التمثيل فهم لا يحسنون الإخراج، ولذلك تأتي معظم المسرحيات التي يتنطع فيها المخرجون بأكثر من صفة أو مهمة ، سواء كانت من إنتاج المسرح القومي أو نقابة الفنانين، أو أي هيئة ثقافية أخرى تدفع مكافآت، ذات مستوى لا قيمة له إبداعياً، يعاني ضعفاً في مقومات عدة، فكرية وفنية.. وهذا المستوى البائس من العروض يجعل جمهور المسرح ينفضّ عنه كفنٍ، متوهمين أن جميع العروض والمخرجين بالحال ذاته، ولا يخسر هذا الجمهور سوى المخرجين الذين يحترمون أنفسهم وفن المسرح، ولا يتعدون على غير اختصاصهم، ومثل هذه العروض لا نعدمها طبعاً، في إنتاجات المسرح القومي الذي لا يبخل على كل من يلتمس لديه موهبة حقيقية، ليس في دمشق وحدها بل وفي بعض المحافظات. ففي ظل هذه الآلية لن يقدّم فن المسرح الكثير من العروض المهمة وتالياً سينخفض جمهوره باطّراد، وهو الفن الأكثر ابتعاداً عن الناحية التجارية كما فن الدراما التلفزيونية وفن الدراما السينمائية التي تحكمهما هذه المسألة مهما كانت بضاعتهما متقنة الصنع.. فهل نشهد قريباً رفع قيمة المكافآت وقوننة الاختصاصات؟