ثقافة بديلة!
بالتأكيد، هي ليست سينما “بديلة” كما يُحب أن يطلق بعض النقاد في السينما على سينما الشباب، أو حتى على الأفلام القصيرة، والسؤال لماذا تكون بديلة؟! وهل الاحتفاء بالتجارب الجديدة لإبداعات الشباب، أو الاحتفاء بنوع إبداعي مُعين، يعني أن هذه التجارب، أو هذا النوع من الإبداع؛ أمسى بديلاً، ومن ثم علينا أن نضع ما أنجز سابقاً على الرّف، أو إزاحته، بما تعني كلمة “البديل” من الاستعاضة والإلغاء.
أليس بمقدورنا أن نحتفي بالجديد والمُختلف إلى جانب ما عهدناه مادامت الساحة الثقافية والإبداعية تتسع لما سبق وتمّ إنجازه، إضافة لما قد يولد في الساحة من إبداعاتٍ جديدة، من دون إثارة مثل هذه العدوانية والإلغاء!
حتى إن الإبداع الذي تمّ وأنجز، وهو مازال يحتملُ الإضافة والبناء، بمعنى إن الأنواع الإبداعية، التي تمّ الإنجاز خلالها، لم تصل بعد إلى مرافئها الأخيرة، فلماذا نستبدلها ونزيحها؟
عندما نُفكر بهذه الطريقة يعني أن الإبداع الجديد ليس ناضجاً بما يكفي لأن يُقدم أصحابه ما لديهم من خلاله، وحتى في المقلب الآخر، عندما يذهب أصحاب الإبداعات التقليدية، أو السابقة بالنظر شذراً لما يُقدّم من جديد في ساحة الإبداع، ويصل الأمر بهم لتجاهله، ومُحاربته بلا هوادة، يعني إن الإبداع السابق كان وهماً وزيفاً، وهشاً لدرجة أنّ أي موجة إبداعية جديدة قد تضعه في خانة النسيان.
فبعد ما يُقارب من مئة سنة على ظهور قصيدة النثر، لايزال الكثير من الأجيال السابقة من يتهمها بما ليس فيها، وهكذا في القصة القصيرة جداً وقد أمست فناً عالمياً، لايزال يتوفر في المشهد الإبداعي من يُحاول التقليل من شأن هذا الإبداع العالي الذي كان خلاصة جنسين إبداعيين هما القصيدة والقصة، وفي مشوار الكتابة الجديدة تظهر عشرات الأنواع التي قد تكون بوادر فردية أحياناً، سرعان ما تلاقي من يحتفي بها، لتُمسي اتجاهاً إبداعياً في المشهد الثقافي، وهنا لا مجال لادعاء أحد بأنه صاحب هذا النتاج الإبداعي أو ولي أمره، لا الإبداع السابق ولا الحالي، ومن ثم فإن ظاهرة تناحر الأجيال، وحتى تناحر أصحاب الاتجاهات في الإبداع، باعتبار إن الاتجاه الإبداعي يحتمل عدة أجيال تشتغل وتبدع به معاً، ظاهرة عربية غير صحية، وليس من شأنها أن تبني مشهداً إبداعياً متنوعاً وغنيّاً.
هامش
_
لاتزالُ
عصافير قلبي حبيسة القفص؛
كلُّ ما ينقصُها
سماء.