فيسبوكيون!!
لنعترف؛ بأن ثمة الكثير من المبدعين السوريين، وحتى غير السوريين، ما كنا لنتعرّف على نتاجاتهم الإبداعية، لولا مواقع التواصل الاجتماعي، صحيح أن هذه المواقع نفسها، وفرّت للعشرات من ضعيفي الموهبة، أو حتى معدوميها أن يقدموا نتاجهم الغث، مع ذلك، المسألة هنا صحيّة تماماً، ذلك أنها وفرت للمتلقي أيضاً حرية انتخاب الأفضل.
والجميل في أمر هؤلاء الفيسبوكيين، أنهم وبعد نجاح تجاربهم الفيسبوكية، على الأغلب يُسارعون لإصدارها ورقياً، ومثل هذه الحالات، وصلت إلى عشرات التجارب، وكأن حالة النشر الفيسبوكية هي اختبار لجودة النص الذي على الأغلب تُنتهك «كرامته» بين براثن قراء وزارة الثقافة واتحاد الكتّاب العرب.
وهناك أمرٌ جميل آخر، في تجارب هؤلاء المبدعين، أنها ذهبت باتجاه التخصص، بمعنى صرنا نرى عشرات المواقع والصفحات المتخصصة بنتاج إبداعي محدد، معيدةً الذاكرة إلى المجلات الأدبية والثقافية التي كانت تتخصص بنتاج إبداعي محدد في منتصف القرن العشرين.. وهنا ربما، في استطاعتنا أن نتحدث عن أمرجميلٍ ثالث، وهو أن هذه المجموعات من المبدعين، لم تبقَ في إطار الحالة الافتراضية، بل تنادت، والتقت، وشكلت مجموعات ثقافية على أرض الواقع، ولم تبقَ رهينة الفضاء الأزرق، ومن ثم ليس من الغريب أن تتنادى يوماً لتشكيل «اتحاد الكتّاب الفيسبوكيين».
على مرّ تاريخها عرفت القصيدة العربية الكثير من الحوامل، من ساحات القبيلة في مرحلتها الشفاهية، حتى تمت كتابتها بماء الذهب وتعليق عشر من أهم ما قيل في الشعر العربي على جدران الكعبة. وإن كانت الأحفورات الأثرية كشفت لنا عن شعرٍ سوريٍّ عظيم لسوريين فينيقيين وآراميين سبقوا الشعراء العرب بآلاف السنين دونوا شعرهم نقشاً على رقم طينية وفخارية في الزمن القديم، وفي مسيرة حوامل القصيدة، كان أن كُتبت على الصخور والجلود، حتى احتضنها الورق في كتاب، وكان الشعر «المحظوظ» الأول في النتاج الإبداعي على صفحات الفيسبوك الذي يصلح حاملاً للقصيدة؛ في حال وجود الضمير الأدبي الشعري النقدي الذي يتابع الجميع ويُثمن الجيد ويعمل على إظهاره، والزمن هو الذي سيُحدد منحى أو مناحي هذه الحوامل للإبداع.
هامش:
ذاكَ المُتظاهر
الذي يهتفُ للحرية بصوته الجهوري؛
أعرفه تماماً:
هو نفسه جارنا في الحيّ
الذي يبيعُ أقفاصَ الطيور..