أكثر متعةً!!
يرى بعض الناس من شرائح متنوعة، أن متابعة الأعمال الفنية باتت أقل من السابق كوننا أصبحنا في العصر الرقمي الذي تتيح لنا شبكة الإنترنت فيه أن نتابع الكثير من الفعاليات من خلالها، سواء مباشرةً أو مخزّنة عبر اليوتيوب وأمثاله، وهي وجهة نظر ليست دقيقة على نحوٍ كامل. صحيحٌ أن الإنترنت يتيح الوصول لبعض المسارح والصالات، لكن ليس لكل ما يجري فيها، ومشاهدة تلك الفعاليات عبره، هي من حظوة من أبعدته المسافة أو التعب، فمن يكون منزله بعيداً أو يأتي كل يوم من عمله بعد ساعات طويلة من العمل سيجد راحته في متابعة ما يبتغي من خلال شبكة الإنترنت، أما الذين لا تفصلهم المسافات ولا الجهد أو طبيعة عملهم أو دراساتهم عن متابعة الأنشطة مباشرة، فسيجدون فيها متعة أكبر، وإن كانت في هذه الأيام ندرة وسائل المواصلات معوّقاً أساسياً، لكننا نظن أنها لن تدوم طويلاً، ما يعني زوال تأثيرها. نشير لذلك من دون أن ننسى أن ليس كل الأنشطة الثقافية بتنوعها يُسمحُ بنقلها نقلاً مباشراً عبر الإنترنت، ناهيك بأن ليس كل المشتركين لديهم بوابات إنترنت بسرعات عالية تحقق لهم تلك المشاهدات، وتالياً ستكون معظم المشاهدة لفعاليات قديمة مسجلة. والمسألة المهمة التي يجب عدم التخلي عنها هي أن الحضور المباشر أكثر فعالية ومتعة، ولا سيما لشرائح عمرية لم تألف بعد متابعة كل ما هو موجود على الإنترنت، وهي شريحة المتقاعدين الذين ولظروف المعيشة الصعبة اقتصادياً، ليس لديهم خيارات في الأمكنة التي تروّح عن النفس، غير المسارح وصالات المراكز الثقافية، إذ إن غلاء المعيشة المتواتر حرمهم من الجلوس في المقاهي والكافتريات الشعبية، إن لم نقل إن هدف متابعتهم ثقافي محض، كما لا تحيد شريحة الشباب عن ذلك، بل وتكذّب ادّعاءات البعض أنها عزفت عن متابعة هذه الأنشطة المسرحية والفنية المنوعة.. وهذه المتعة هي في ظننا ما يساهم في تشكيل وعي جماعي فني متعدد لا بد منه لكل المتابعين، حتى ترتقي قدرات مشاهداتهم، فالمشاهدة المباشرة تعطيهم أرضية حوار مشترك فيما بينهم، وتالياً تكشف لهم ما الذي يجب أن يبحثوا عنه ويسهموا في رفع مستواه، فترتقي ذائقتهم.