جرائم الاحتيال المالي آخذة في الصعود .. إشارات تحذير
تشرين- اقتصاد عالمي:
حذرت الشركة السورية للاتصالات، من التعامل مع بعض التطبيقات، وأحدث إعلانها جدلاً كبيراً عبر المنصات الإلكترونية بين المتابعين، الذين أكد غالبيتهم أن بعض التطبيقات تتيح سهولة بالتعامل، مطالبين الاتصالات بإيجاد تطبيقات مرخصة ونظامية لتجنيبهم الوقوع في براثن الاحتيال
وكشفت الاتصالات في بيان بصفحتها الرسمية إعلاناً يؤكد حرص السورية للاتصالات على مصلحة زبائنها الكرام ولتجنب تعرضهم لأي عملية احتيال أو تلاعب، تدعوهم لعدم التعامل مع المواقع الإلكترونية والتطبيقات الغير مرخصة والمعروفة من قبلها وذلك كونها مواقع غير مرخصة أصولاً لتقديم خدمات تحويل الوحدات الخلوية أو تسديد الفواتير».
وحذرت كذلك من تحميل تطبيقات أخرى وذلك لوجود برمجية خبيثة تشكل خطر على بيانات وخصوصية المستخدم
ولعل تحذيرات السورية كانت تنظر بعين أخرى إلى تزايد عمليات الاحتيال المالي العالمي حيث كانت المفاجأة عندما تم تصنيف قروض الأعمال الصغيرة، التي منحت لأصحاب المشاريع الصغيرة لمساعدتهم أثناء تفشي جائحة كورونا في إطار خطة الإقراض الطارئ على أنها احتيال مشتبه به، وجاء ذلك في إعلان مكتب التدقيق الوطني، الذي يدقق في إنفاق القطاع العام أن الحكومة البريطانية فشلت في الاحتراس من الاحتيال المخطط، ما فتح المجال أمام خسائر بمليارات الجنيهات الاسترلينية.
في مكان آخر أجهزة إنفاذ القانون تداهم مكاتب بنك ضمن تحقيق بشأن الاحتيال الضريبي، وفتشت أعداداً كبيرة من البنوك من قبل المدعين العامين للتحقيق في مخالفات محتملة، وشنت حملات مداهمة على الفروع الألمانية في الأشهر الأخيرة، وتشمل التحقيقات نحو 100 بنك في أربع قارات، وما لا يقل عن ألف مشتبه به.
في حين المدّعون الفيدراليون يتهمون 20 شخصاً بتهمة الانخراط في مخططات احتيال مختلفة تتعلق بوباء كورونا، وبلغت القيمة الإجمالية لعمليات الاحتيال 150 مليون دولار.
وقصة أخرى كانت تدور في فلك الشرطة الصينية التي ألقت القبض على 234 مشتبهاً به، لتورطهم في فضيحة احتيال مصرفية، عبر خداع المودعين بوعود زائفة بشأن عائدات سنوية تصل إلى 18 في المئة.
يمكن أن نستمر في سرد عشرات إن لم يكن مئات الأخبار التي تتعلق جميعها بقصص الاحتيال المالي عبر العالم، بغض النظر عما إذا كان الاقتصاد محل الخبر متقدماً أم نامياً، وسواء كانت علاقته بالاقتصاد العالمي علاقة اندماج أم عزلة، وأياً كان المستوى التعليمي أو الثقافي للشعب.
لكن ما الاحتيال الاقتصادي؟
يعرّف الاحتيال بأنه عمل خادع متعمد يهدف إلى تزويد الجاني بمكاسب غير مشروعة أو إنكار حق الضحية.
و”الاحتيال يشمل الاحتيال الضريبي والاحتيال على بطاقات الائتمان والاحتيال الإلكتروني والاحتيال في الأوراق المالية والاحتيال في إعلان الإفلاس ويمكن أن يقوم بالنشاط الاحتيالي فرد واحد أو عدة أفراد أو شركة”.
ويقول الخبير المالي أنس نغنغ :
في الواقع، إن قضية الاحتيال المالي تحظى الآن باهتمام دولي متزايد، فمع ترنح الاقتصاد العالمي نتيجة التداعيات السلبية لجائحة كورونا، وما أعقبها من الحرب الروسية – الأوكرانية، التي أدت إلى زيادة في معدلات التضخم العالمي، وتصاعد المخاوف من اتجاه الاقتصاد الدولي إلى الركود، بات التساؤل المطروح الآن يتعلق بـ: هل يعني الركود العالمي مزيداً من عمليات الاحتيال المالي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكن منعها؟
ويلفت نغنغ : يجب عدم الاستهانة بخطورة وفداحة جرائم الاحتيال على الاقتصاد العالمي، ففي 2017 قدر مؤشر الاحتيال السنوي الخسائر الناجمة عن عمليات الاحتيال المالي التي تتكبدها المملكة المتحدة فقط بنحو 190 مليار جنيه استرليني سنوياً، وتضرر القطاع الخاص بشدة بعد أن بلغت خسائره نحو 140 مليار جنيه استرليني، وخسر القطاع العام أكثر من 40 مليار جنيه استرليني، أما الأفراد فخسروا نحو سبعة مليارات جنيه استرليني”.وحسب الدراسات “تزامنت فترات الانكماش الاقتصادي السابقة مع زيادة في معدلات الجرائم المالية عامة وفي المقدمة منها عمليات الاحتيال المالي، وإشارات التحذير موجودة في الوقت الحالي، ورقمنة الاقتصاد التي زادت بقوة خلال العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا، تشير إلى أن الاحتيال عبر الإنترنت أحد المخاطر الرئيسة الآخذة في التزايد”.
“لكن ما يجب أن تكون المنظمات والمؤسسات على دراية به هو المخاطر الناجمة عن احتيال العاملين بها، حيث يواجه عديد من الأشخاص حول العالم ضغوطاً مالية متزايدة، وبالنسبة للبعض، فإن الأمر يتعلق ببقائهم ومستوى معيشة أسرهم، ولهذا فإن الحد الأدنى لما يعده الشخص العادي سلوكاً غير أخلاقي قد ينخفض خلال فترات الأزمات الاقتصادية، خاصة عندما ترتفع الأسعار بالتضخم ويعم الركود”.
لكن حسب خبراء ، يجب عدم الإشارة إلى أن جميع المنظمات أو الشركات لا تواجه تهديدات متساوية من عمليات الاحتيال المالي، كما أنها لا تتطلب الخطط نفسها للتصدي للاحتيال، حيث يحتاج قادة المؤسسات الكبيرة فهم المخاطر المرافقة لأعمالهم، بينما قد تعتمد المؤسسات الصغيرة على خبرات من خارجها للحصول على المشورة لمواجهة عمليات الاحتيال المالي.
ويعتقد الخبراء أن منع عمليات الاحتيال يتطلب تقييم المخاطر ومعرفة ما إذا كانت الضوابط الحالية لمنع الجرائم المالية قادرة على العمل في البيئة الراهنة، فتغيير أنماط العمل، مثل زيادة العمل عن بعد، قد يساعد على إيجاد نقاط ضعف في الأساليب التنظيمية، تسهل عمليات الاحتيال المالي.
وفي الواقع، فإن اكتشاف عمليات الاحتيال المالي بات أمراً شديد التعقيد جداً مع تزايد التقدم التكنولوجي، والسباق الراهن بين المؤسسات المتنافسة بتعزيز موقعها في الأسواق من خلال الحصول على آخر الصيحات التكنولوجية.