حتى لا تضيع الجهود
تبذل الجهات المعنية أقصى جهودها لإدارة النقص الحاصل في المشتقات النفطية لأسباب يعرفها الجميع وذلك بهدف تأمين احتياجات القطاعات الحيوية حسب الأولويات وتبعا للمتاح، وآخر الجهود ما صدر أمس عن وزارة النفط من آلية جديدة لتوزيع مادتي البنزين والمازوت بالسعر الحر.
ورغم كل الجهود المبذولة إلا أن عدم ملاقاة العرض للطلب في سوق المشتقات النفطية يحد من القدرات على ضبطها لإغلاق منافذ السوق السوداء لا سيما مع تغول بعض ضعاف النفوس المتاجرين بهذه المواد غير آبهين بالقوانين أو الغرامات المفروضة.
وعلى سبيل المثال في محافظة حماة التي يمكن اعتبارها محافظة صغيرة نسبيا تم الإعلان منذ أيام عن قيام لجنة ضبط المخالفات بالتنسيق مع مديرية الرقابة الداخلية في شركة محروقات بضبط تجاوزات ل 50 محطة وقود خاصة في المحافظة لأعوام 2020-2021-2022 تقدر بحوالي ثمانية ملايين ليتر من مادة المازوت و700 ألف ليتر من مادة البنزين ، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
ودائما ما يتم الإعلان عن كشف مخالفات تتعلق بالتلاعب بالعدادات أو التصرف بالاحتياطيات في معظم محطات الوقود المنتشرة في جميع أنحاء القطر، وهذا ما يبدد الجهود المبذولة لإدارة النقص ويضاعف المشكلات الاقتصادية والخدمية التي يعاني منها الجميع .
ويشارك عدد لا بأس به من المواطنين في استفحال أزمة المحروقات من خلال تعاملهم مع تجار السوق السوداء وقيامهم ببيع مخصصاتهم انطلاقا من مبدأ “الغاية في تحقيق دخل معين تبرر الوسيلة”، علما أن المبالغ المحققة من أمر كهذا لا تكفي لتغطية الارتفاعات في الأسعار الناجمة عن التضخم الذي يسببه ارتفاع أسعار المحروقات.. فعلى سبيل المثال يقوم عدد من مالكي الآليات في المناطق التي لا يمكن استعمال البطاقة الإلكترونية فيها (كمحافظة الحسكة) باستخراج بطاقات وتأجيرها في المحافظات الأخرى، ما يشكل رافداً للسوق السوداء.
كما أن عدم التخطيط لتلبية احتياجات التدفئة قبل قدوم فصل البرد الذي يترافق مع ارتفاع احتياجات قطاع الزراعة في موسم زراعة المحاصيل الشتوية يشكل بيئة خصبة للمتاجرة بمادة المازوت.
ما سبق كله يدفعنا للقول إن ضبط سوق المحروقات والتخفيف من آثار النقص فيها يتطلب مزيدا من الجهود لقمع المتاجرين بالمحروقات وتفعيل الرقابة الآنية على “الكازيات” وبرمجة الجهود حتى لا تزداد الاختناقات شتاءً، وكذلك تعاون المواطنين حتى لا يساهموا في تغذية السوق السوداء التي تلتهم كل مكتسباتهم ودخولهم بفعل ارتفاع الأسعار.