تكلفة فرصة العمل
تشير التصريحات التي قالها السيد معاون وزير المالية ل”تشرين” خلال الأسبوع الماضي عن أن تكلفة فرصة العمل تبلغ مليوني ليرة (وطبعا هو يقصد في القطاع العام) إلى أمور مهمة في تحليل تكاليف الإنتاج والمستوى المعيشي للموظف الحكومي لاسيما إذا قارناها مع أرقام صدرت عن الاتحاد العام لنقابات العمال في بداية عام ٢٠١٥.
وحسب هذه الأرقام كانت تكلفة فرصة إيجاد فرصة عمل (على الأغلب في القطاعين العام والخاص) وسطيا ٣.٩ ملايين ليرة، حيث قدرت في ذلك الوقت أن تكلفة فرصة العمل في قطاع الصناعة ٦.٨٥ ملايين ليرة و١.٥ مليون ليرة في مجال النقل، فإذا قارنا هذه الأرقام بالرقم الجديد فسنجد أنه ورغم التضخم الكبير ما بين عام ٢٠١٥ ووقتنا الحالي بقيت تكلفة فرصة العمل في القطاع العام قليلة، وهذا يعود إلى أمرين مهمين: أولهما أن الأجور في القطاع العام لم تواكب التضخم وارتفاع أسعار المستهلك، والثاني أن الإنفاق الحكومي الاستثماري خلال الفترة الماضية كان محدودا، فلو حصلت استثمارات لارتفعت بكل تأكيد تكلفة فرصة العمل..
فمن الناحية النظرية لا ترتبط تكلفة فرصة العمل فقط بالرواتب والمزايا المدفوعة للعامل ولكن لكي يتمكن هذا العامل من القيام بشيء مفيد يجب أن يكون لديه المعدات ويفترض كذلك أن يكون لديه مكان للعمل فيه، ويتعين على الشركات التي تستعين بالعامل على الأرجح أن تشتري التأمين وتدفع رسوما مختلفة، إضافة إلى خدمات أساسية مثل المياه والكهرباء، وبشكل عام إيجاد وظيفة يتطلب إنشاء أعمال جديدة في المقام الأول، بما يرتبط بها من نفقات رأسمالية ونفقات تشغيلية.
في الحقيقة في مثل هذه البيانات تكمن مؤشرات مهمة يجب أن تتوافر لدى متخذي القرار، لكن للأسف فإن التعتيم عليها مقابل الإسراع في نشر الأرقام عن تكاليف الدعم وارتفاعها بشكل متواتر يشكل حلقة مفقودة في تقدير الاحتياجات المعيشية لموظفي القطاع العام وهذا ما يشكل خللا في بنية الرواتب والأجور وما ينجم عنه من عدم الولاء لمنشآت القطاع العام من العاملين فيه، ما يوفر بيئة خصبة للتراخي في العمل والفساد وغيره من أمراض نعاني منها في هذا القطاع.
وهنا لا بد أن نسأل الجهات المعنية بتوفير مثل هذه البيانات وعلى رأسها المكتب المركزي للإحصاء أين هو دوره أو من يمنعه من القيام به؟ وكذلك الجهات المعنية بتحليل هذه البيانات وأولها وزارة العمل التي من المفترض أن تصدر تقارير دورية ترصد سوق العمل بما يمكننا من السير في الطريق الصحيح على مستويي الإصلاح الإداري وإصلاح القطاع العام.