ما قبل الرقابة ..!

لا نختلف مع أحد حول أهمية الرقابة على الأداء بل هي حالة صحية في كل المقاييس بأسبابها ونتائجها , لكن الخلاف في التنفيذ وإدارة الرقابة واختلاف مفهومها من شخص لآخر, أو من جهة لأخرى , وهذه أصبحت إشكالية تعانيها معظم المجتمعات, فالبعض يراها تقويماً للسلوك, و الآخر يراها محاسبة , وآخرون يرونها رقابة مسبقة على الفعل والأداء خشية الوقوع بالخطأ , والسؤال الذي يخطر في بال الكثيرين: أين رقابتنا نحن من هذه الرؤى المختلفة للعمل الرقابي ..!؟

الجواب يقع ضمن خانة (السهل الصعب) لأن رقابتنا تحمل كل هذه الأجوبة بكليتها وحتى شموليتها , فهي موجودة في المواقع , وعلى كافة الجبهات لكنها بعد وقوع الفعل وليست قبله ..!

رغم أن الحكومات المتعاقبة حرصت على تفعيل أداء العمل الرقابي , وتقديم العون والسند له , من أجل محاربة قضايا الفساد , والحفاظ على المال العام من الضياع في سراديب المنفعة الشخصية واستغلال المناصب .! وخاصة أن الأزمة الحالية قد أوجدت مظاهر فساد جديدة , وطورت الكثير من أساليبها السابقة, الأمر الذي يستدعي وجود رقابة نوعية يتم من خلالها مكافحة الفاسدين أينما وجدوا, وتكون السباقة في كشفها قبل وقوعها وذلك من خلال الإجراءات والقرارات التي لا تحمل اللبس والتأويل, وهذا لن يتم إلّا بتأمين أرضية إدارية وأخلاقية مناسبة على أسس ثابتة تقتضي بالضرورة اقتلاع مظاهر الفساد الإداري والمالي ليس في القطاع الحكومي فحسب, بل الخاص أيضاً بقصد الحفاظ على ثروات الدولة من الضياع والسرقة .

وبالتالي تحقيق ذلك مرهون بتنفيذ رقابة هي أهم الرقابات , رغم اختلاف أدوات تنفيذها, تبقى الأفضل لأنها تحمي وتقلل من حجم المخاطر, وهذه تكمن في الرقابة الاستباقية على الأداء والفعل وخاصة لجهة كل ما يتعلق بالمال العام , وأداء الوظيفة, إلى جانب منع حدوث حالات الفساد وظهور أهلها في تفاصيل العمل اليومي ..!

 

من دون أن ننسى أن الرقابة المسبقة تقصي المحسوبيات في العمل , وتمنع شخصنة الوظيفة العامة , وتسهم في تحقيق النزاهة والشفافية , والعدالة في توزيع الثروة الوطنية, والأهم من هذا وذاك , ما تفعله باتجاه تعزيز ثقة المواطن بالجهاز الحكومي والإجراءات المتخذة لتحسين واقع الحال من معيشة أفضل, وحياة مستقرة ..!

والسؤال هنا: إذا كان كل ذلك من فعل الرقابة المسبقة, فلماذا لا نطبقها وتبدأ عمليات المحاسبة, وقمع كل مظاهر الفساد من الجذور..!؟

الجواب ليس عندي ..!؟

Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار