منظّرون من كومبارسات الدراما.. وكتّاب في الظل!
يتعرّض كاتب السيناريو للظلم أثناء نجاح المسلسلات، فالجماهير العريضة لا تعترف إلا على النجوم المكرسين تاريخياً، والنجمات المحقونات بالبوتكس والإطلالة البهية! ونادراً ما يحظى كاتب العمل التلفزيوني بالشهرة رغم أنه صاحب المطبخ وصانع الحكاية وراسم الشخصيات، بل إن بعض الممثلين والمخرجين يعتدون على نصوص الكتّاب ويحوّرونها أو يعدّلون فيها بذريعة الحبكة والإثارة أو مراعاة اهتمامات الجمهور.
يُصاب النجم أو النجمة بالكريب، أو تكتب إحداهن “بوستاً” تافهاً، أو تتزوج إحداهن من سائقها أو من بواب العمارة، فتهرع الجماهير إلى المشاركة وتقديم الإعجابات بهذا الإنجاز التاريخي، بينما يموت الكاتب بالجلطة أو يعيش مهملاً تنهبه الفاقة والفقر، ولا يسمع به أحد.. الأمر يبدو طبيعياً ومنساقاً مع أحوال المؤسسات الثقافية والذهنية التي تحكم البشر في هذا الوقت الذي يصفونه بذروة عصر الانحطاط .
الأسباب لا تقع على النجمات والنجوم بالتأكيد، فهم وهنّ يعملون في مجالاتهم ويمارسون المفاهيم التي يرونها مناسبة للتأثير بالرأي العام، فالمصيبة في مكان آخر يتعلق بالبنية المتهدمة للثقافة على المستوى العربي، فخبر صغير عن طلاق أو زواج أو فضيحة، ينتشر أكثر من عملية فدائية في فلسطين، وأقوى من رحيل شاعر مهم، أو مرض روائي كبير! ولو أن الشركات الخاصة والرسمية تعطي من الأموال والتسهيلات نصف ما تقدمه للدراما كنّا تساوينا في الفرص على الأقل!.
حمى الدراما الرمضانية تعود كل مرة لتعيد هذه الأسئلة إلى الواجهة، وكل موسم تُكال المدائح للدراما السورية التي تعمل ضمن سقوف مرتفعة تحلم بها الصحافة المكتوبة أو المرئية والمسموعة، كأن العاملين في هذا القطاع على رأسهم خيمة.
بينما يتردد الإعلامي في كتابة أي فكرة ويعمد إلى صياغتها بالألغاز هرباً من قانون جرائم المعلوماتية وتعديلاته الأخيرة التي مرت مرور الكرام، فالكاتب يمكن أن يغرّم بعدة ملايين من الليرات ويمكن أن يوضع في السجن إذا رفعت عليه دعوى قدح وذم أو إذا تعرض إلى المساءلة بسبب انتقاده موظفاً أو رئيس بلدية!.
في مصر، حصل رامز جلال في برنامجه الجديد “موفي ستار” على 10 ملايين دولار، في حين يشقى الكاتب كي يؤمن ثمن طباعة مئتي نسخة من كتابه الحلم! ويضطر أحياناً إلى استرضاء لجان القراءة في المؤسسات الرسمية كي تغض الطرف أو تسرع في اتخاذ قرار طباعة الكتاب.. والأمر لا يتوقف هنا، فإن نجوم رأس المال والتسويق الإعلاني، باتوا يطمحون للتنظير على الرأي العام في الفكر وبناء المجتمع، كأن البشر يخضعون لعملية تبييض أخلاق لم تحصل تاريخياً.
أخفقت الدراما السورية هذا الموسم، في عدة أماكن، عندما اعتمدت على أسماء النجوم وتناست مستوى العمل الدرامي، فحتى الرهان على النجمة الجميلة، دفع بالنصوص الهزيلة إلى السطح، وتلك نقطة لم تكن في صالح الكتّاب المبدعين الذين يدورون برواياتهم على شركات الإنتاج متمنين أن يتبنوها كي يقبروا الفقر.
في كل موسم درامي، تعود أسئلة الثقافة والإعلام إلى الواجهة، وتجني الهشاشة ثروات الشهرة والمال، في حين يقضي الكتاب أعمارهم بانتظار معجزة تعيد المجد للنصوص.. منظّرون من كومبارسات الدراما.. وكتاّب يموتون في الظل!