أوهام بطعم الإمبريالية
حين نفتقد الوعي بالمسارات التّاريخية، بالتفاصيل التي يسكن الشيطان بين ضلوعها، نصبح جزءاً مكمّلاً للعبة الإمبريالية.
هذه الأخيرة تحفر أخاديد عميقة في الجسد البشري الجريح، تحتلّ الدّماغ عبر أساليب تحكّمها، توحي للأمم وللشعوب بأنها في طريق النّموّ، وتفرض ضرباً من الشفافية الإذعانية من طرف واحد، أمم على المكشوف وتدابير إمبريالية غارقة في السّرّيانية. في طور من أطوار الإمبريالية يخيّل للأغبياء أنّهم ثوار وما هم بثوّار، ولكنّ ألاعيب الإمبريالية تخترق كل مجال، تلتهم كل مكسب، لا تترك هامشاً، فالمجتمع قطيع، والجغرافيا الممتدّة مزارع للموارد الطبيعية والبشرية تحرسها الدولة الثالثية، والقطيع البشري يرعى على علف من الزّيف المصنّع في مختبرات السيطرة.
إنّه تحصيل حاصل ما نراه من استيلاب القطيع البشري في دورة الإستهلاك اللاّمعقول، لكن ما ليس تحصيل حاصل، هو الإمبريالية حين تخترق نقيضها وتنطق بمبادئه.
الإمبريالية أدهى من قطيع يُعاد إنتاجه في مراعي الفاشية، حرّاس الوعي والاستهلاك العمومي المضلل لمفاهيم الأنسنة المخنّنة التي تستبعد المطلب التاريخي لكرامة كائن حرّ وفاعل وخارج نظام السيطرة.
تبلد إحساس الكائن الثالثي، اندماجه في نظام الاستهلاك والتّمثّلات المضللة للثورة الجديدة، ثورة الزمبي المأخوذ من ناصيته في مسار طويل من محق الإرادة وذُهان الاستهلاك اللاّعقلاني لكل ما يساعد على تأمين التلقيح المستدام بأفيون الشعوب من أوهام العيش وأرواث المعاني.
في هذا الحيز التواصلي، نتخادع تواصليّاً، ذلك لأنّ الجميع يواصل تمرين الإذعان لسلطة غير تواصلية، يعرف بملكاته وآماله وينتظر خيبات الأمل. عصر العبودية الرقمي.
معركة الوعي تقتضي مقاربة أعقد وأعمق وأبعد مدى، تطور الإمبريالية من أساليبها ويحتفظ القطيع بأساليب وصور شارلي شابلان وألفريد هيتشكوك.
كاتب من المغرب