كيف نتخلص من ظاهرة الاحتراق الوظيفي؟
يعدّ الاحتراق الوظيفي نوعاً من الضغط المرتبط بالعمل، فهو حالة من الإجهاد النفسي، تتضمن استنزافاً نفسياً وجسدياً يصيب العامل والموظف، ويؤدي لانخفاض أدائه المهني وفقدان الدافعية لأداء المهام الموكلة له.
وبحسب اختصاصية الصحة النفسية الدكتورة غنى نجاتي فإن البعض يظن هذا المصطلح جديد، لكنه يعود لعام ١٩٧٤ حين اكتشفه الطبيب الألماني هربرت فرويدنبرغر، من خلال حالاته في العيادة النفسية، ومن أعراض الاحتراق المهني أو الوظيفي فقدان الرضا عن الذات، وعدم الشعور بالمتعة والرغبة في الذهاب للعمل والتواصل السلبي مع زملائه المهنيين، والذي يترجم بتبادل ردات الفعل الغاضبة، والساخطة والسخرية والاستهزاء بإنجازات بعضهم البعض ؛ وليس من المستبعد أن تتزامن مع هذه الأعراض النفسية أعراض جسدية، تتجلى بالشكاوى الهضمية والجلدية وآلام الرأس المختلفة.
ويعود سبب الاحتراق الوظيفي إلى شعور الموظف أو العامل بعدم التقدير والاحترام من رؤسائه، وكأنه يعامل كآلة، أو شيء مادي مع عدم توافق المردود المادي لقاء أتعابه المهنية، والاستخفاف بجهوده كالتأكيد المستمر على إمكانية استبداله بأي لحظة؛ وتشير الدراسات السيكولوجية والعلمية إلى وجود أكثر من عامل مسبب للاحتراق الوظيفي، والذي يتضافر مع سمات الشخصية والظروف الأسرية والاقتصادية والعاطفية والاجتماعية لكل فرد.
فالشاب جلال الذي اضطر لتقديم استقالته بعد أن عمل في إحدى الشركات الخاصة مدة خمس سنوات، كان بسبب بيئة العمل السيئة، وعدم تقدير جهده، فكانت الاستقالة هي الحل الوحيد ليبحث عن عمل آخر، مشيراً إلى أن الاحتراق الوظيفي ينتج عن عدة أسباب، أهمها واقع عمل الموظف خارج إطار اختصاصه، هذا يؤدي إلى ضغط نفسي بعد المحاولة الطويلة لإثبات النفس.
وتعود نجاتي وتؤكد أنه بالرغم من أن نسب الاحتراق الوظيفي ببن النساء والرجال متقاربة، إلا أنه توجد مهن تزيد بيئتها ومتطلباتها الوظيفية من الاحتراق الوظيفي، كالإعلاميين والفرق الطبية والجنود والمعلمات، ومؤخراً بدأ العمل المكتبي الروتيني ينضم لتلك القائمة.
وتنصح اختصاصية الصحة النفسية بأخذ إجازات منتظمة، لإعطاء العقل والجسم الراحة والسكينة، وممارسة فنيات الاسترخاء وبعض التمارين الرياضية التي تساعد في تخفيف التوتر والضغط المهني والنفسي.
كما يجب أن تكون هناك محاولات جدية من رؤساء العمل بتحفيز الموظفين والعمال، لمزيد من المكافآت النقدية والدعم المعنوي بتوزيع شهادات شكر وتقدير بشكل دوري ؛ ومحاولة إضفاء جو ألفة وتعاون في بيئة العمل، كتقديم رحلات ترفيهية مجانية جماعية للعمال والاستماع لرغباتهم بصدق ومحبة.