المراهقة عند مصابي اضطراب طيف التوحّد.. هل هي حالة طبيعية؟
بينت د.غانا حسن- تربية خاصة اختصاص «توحد» أن اضطراب طيف التوحد يعدّ من الاضطرابات النمائية الأكثر تعقيداً، نظراً لتنوع نماذج الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب، نتيجة تفاوت المهارات والقدرات الموجودة لديهم، رغم أن هناك خصائص مشتركة أساسية في مسألة تشخيص هذا الاضطراب، تتضمن معيارين أساسيين هما القصور في التواصل الاجتماعي والسلوكيات النمطية والتكرارية والاهتمامات الشاذة عند هؤلاء الأشخاص؛ هذه الأعراض والخصائص تشير إلى أن التوحد يظهر على شكل أنماط كثيرة، ويندرج من البسيط إلى المتوسط فالشديد، وفق الدليل التشخيصي الإحصائي الخامس Dcm5 أصبح هذا الاضطراب يطلق عليه (اضطراب طيف التوحد)، إضافة إلى زيادة المدى العمري في التشخيص، فقد كان سابقاً يقتصر على السنوات الأولى بالتشخيص، لظهور هذه الأعراض عليه، ويشخص على أنه طفل توحد الآن، أصبح هناك كثير من الأعراض قد تتأخر في بعض الحالات إلى حوالي سبع أو ثماني سنوات بالتالي صار هناك اتساع في المدى العمري.
وإذا أردنا أن نتحدث عن التوحد في مرحلة المراهقة، وهل تختلف مظاهرها عند المصاب بطيف التوحد عن الشخص العادي بيّنت د. غانا: في حقيقة الأمر كل الدراسات التي بحثت في هذا الموضوع، وتناولت النواحي السيكولوجية والنفسية عند أشخاص طيف التوحد أجمعت على أن هذا الشخص يصل إلى مرحلة المراهقة ولكن في عمر متأخر؛ فظهور الكثير من علامات البلوغ تكون متأخرة عن أقرانه، وعملية التواصل والتفاعل مع الشخص المصاب بطيف التوحد في فترة المراهقة لن تكون وليدة اللحظة؛ وإنما يجب أن يتم الإعداد لها مسبقاً، من خلال مراحل تدخل مبكرة من عمر الطفل، حتى يصل إلى هذه المرحلة بأقل الخسائر وبقدرة الأهل في التعامل مع هذا الشخص في هذه الفترة بما يمر به من تغيرات بيولوجية ونفسية وسلوكية.
وبيّنت د.حسن أن اضطراب طيف التوحد يصيب الذكور والإناث على حدٍّ سواء، ولكن هناك تفاوت بين النسب لصالح الذكور، فكل أربعة ذكور مقابل أنثى واحدة قد تصاب باضطراب طيف التوحد.
والنظريات التي فسرت ذلك متعددة لن نقف عندها كثيراً؛ ومازال الأمر غير محسوم بالسبب الأساسي لوجود الاضطراب و لا تزال كلها فرضيات ونظريات، تتعلق بالنواحي الوراثية والجينية والعصبية والنواحي البيوكيميائية؛ وحتى فيما يتعلق بالعمليات الاستقلابية وعمليات التمثيل الغذائي، إضافة إلى توجه ظهر في فترة قديمة جداً، وتمت استعادة نشاطه في الفترة الحالية، وهو وجود التلوث البيئي، ومسألة التسمم بنوع من نسب الرصاص، والعوامل المحيطة بالإنسان بشكل عام، ولا تزال هذه فرضيات قيد الدراسة.
وبغض النظر ومهما كانت الأسباب، نحن أمام فئة مهمة جداً موجودة، وحسب د.حسن: فلا توجد حتى الآن إحصاءات دقيقة على المستوى المحلي أو العربي، ولكن هناك مؤشرات على المستوى العالمي، تشير أن هذا الاضطراب أصبح تقريباً حالة واحدة من كل ٥٩ حالة ولادة، وهذا مؤشر خطير، فقد كانت النسب سابقاً واحدة من كل عشرة آلاف، وبدأت تقلّ إلى أن وصلت إلى حالة واحدة من كل ٥٩ ولادة.
هذا يعني أن هذا الاضطراب موجود على الساحة بكثرة، ويجب تفعيل الكثير من الدراسات حول تقديم طرق ووسائل وبرامج ومحاولة فهم هذا الاضطراب بكل تفاصيله.