في درعا النحل يغادر أدراجه.. احتمالات الجوع والمرض قائمة بانتظار نتائج اللجنة الوزارية
دعبول لـ"تشرين": الاجتهادات الشخصية والتجارب الفردية للمربين زادت الأمر سوءاً
فتح موضوع هجرة ما يسمى ” أسراب النحل” في عدد من مناطق محافظة درعا وتشكيل لجنة وزارية لدراسة الظاهرة، الباب على مصراعيه أمام إطلاق الاحتمالات لأسباب هذه الظاهرة التي تعد غير مسبوقة في هذا الوقت من العام، بين من اعتبر أن الظاهرة نتيجة طبيعية للتبدلات المناخية وتأخر الأمطار وقلة المراعي، وبين من عزاها إلى انتشار الأمراض في الخلايا، وآخرون ممن أنحوا باللائمة على المربين وسوء تعاملهم مع الخلية.
لجنة وزارية
القصة بدأت حسب قول مدير الزراعة بدرعا المهندس بسام الحشيش قبل أسبوعين تقريباً، حيث تواصل مربون في منطقة نوى مع مديرية الزراعة لإبلاغهم بحدوث حالات هجرة لبعض خلايا النحل في المنطقة، وعلى الفور جرى إرسال مختصين من دائرة الوقاية ومن دائرة الإرشاد للكشف وأخذ العينات التي تم إرسالها إلى الوزارة لدراستها.
وبيّن الحشيش أن الوزارة استجابت سريعاً، حيث جرى تشكيل لجنة موسعة للوقوف على أسباب هذه الظاهرة وتضم اللجنة في عضويتها مختصين من جامعة دمشق والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية ومديرية وقاية النبات في الوزارة وأيضاً من الفنيين في مديرية الزراعة، حيث قامت اللجنة بجولة على العديد من مربي النحل وأخذ العينات لتحديد أسباب هذه الظاهرة بدقة ووضع برنامج للممارسات الجيدة لتربية النحل، مبيناً أنه سيتم عقد اجتماع مع كل من اتحاد النحالين و«أكساد» وجمعية النحالين والبحوث والجامعة والصحة الحيوانية لبحث أسباب وعوامل هذه الظاهرة وسبل التقليل من آثارها على سلسلة تربية النحل، وعلى ضوء نتائج اللجنة ستكون هناك توصيات عامة ولقاءات وندوات مع المربين لتفادي حدوث مثل هذه الظاهرة مستقبلاً.
جرس إنذار للمواجهة
للوقوف على تفاصيل أكثر لتحليل الظاهرة تواصلت “تشرين” مع رئيس المكتب الاقليمي لاتحاد النحالين العرب في سورية المهندس إياد دعبول الذي أطلق ما يشبه جرس إنذار لتدارك ما يحدث في قطاع النحل من ممارسات خاطئة لبعض المربين والتي أدت إلى انتشار الأمراض، وحسب رأيه فإن الاعتماد على التجارب الفردية والشخصية والاجتهادات في علاج مرض الفاروا – وهو من أبرز الأمراض التي تصيب النحل- يؤدي إلى قصر عمر النحل بنسبة أكثر من 50 % وأيضاً ضعف مناعة النحل وفقدانه للوزن وإصابته بالفيروسات والفطريات المختلفة وضعف الذكور وما يتبع ذلك من تذكير الملكات للبيض وتأخير التلقيح.
ويشير دعبول إلى بعض الممارسات الأخرى الخاطئة وأهمها استعمال الشمع التجاري والإطارات المستعملة التي قد تنقل الأمراض وتشجع على انتقال مرض «الفاروا»، وكذلك استعمال المضادات الحيوية بشكل مفرط من دون الحاجة إليها ما يؤدي إلى ضعف مناعة النحل واستعمال حبوب اللقاح التجارية في التغذية وخصوصاً الحبوب المهربة واستعمال خلطات ومواد اجتهادية في تغذية النحل وغالباً يتم نقلها عن مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) ، لافتاً إلى اعتماد البعض على إدخال ملكات نحل غريبة عن البيئة ما يحدث إرباكاً في مجتمع النحل، وكذلك إهمال الصناديق أو المبالغة في «التشتية»، فقلة من المربين من يعتمد على التشتية المعتدلة، والأهم تفريغ الخلايا من العسل في فصل الخريف وعدم إبقاء ما يكفي من الغذاء للنحل في الشتاء.
ويختم دعبول حديثه بالقول إن كل خلية نحل تحتاج إلى عنصرين أساسيين لعبور أشهر الشتاء، وهما نحل سليم وغذاء كافٍ، وكان الشهر الماضي من الأشهر الباردة نسبياً وقد يكون ذلك أدى إلى إصابة الخلايا بالمرض وبات النحل غير قادر على عبور فصل الشتاء فحدثت حالات هلاك الخلايا أو هجرة بعضها الآخر.
غير مسبوقة
في استقصاء أجرته “تشرين” أجمع عدد من مربي النحل في درعا على أن ما حدث مؤخراً يعد ظاهرة غير مسبوقة، فالنحل لا يهاجر في مثل هذا الوقت من السنة إلا لأسباب قاهرة على حد وصفهم لأن النحل عادة يهاجر في فصل الربيع ولا يهجر خلاياه في درجات الحرارة الباردة، وتكون الهجرة جزئية وليست كاملة أي تنفصل الخلية إلى جزأين جزء يبقى فيها والجزء الآخر يهاجر مع الملكة الجديدة.
وأوضح مربو النحل أن أبرز الاحتمالات تكاد تنحصر في احتمالين هما قلة الغذاء والمرض، فتأخر الأمطار قلل من المخزون الغذائي اللازم لعبور الخلايا فصل الشتاء بسلام فضلاً عن موجات البرد المتلاحقة التي سادت خلال الفترة الماضية ما ضاعف من احتمالات حدوث الأمراض وأبرزها مرضا «الفاروا» و«النوزيما» ، ما أدى إلى حدوث نفوق تدريجي للنحل خصوصاً في الخلايا التي لم يتم «تشتيتها» أي تدفئتها، أو تلك التي لم يتم دعمها بالغذاء من المربين لتعويض الفاقد الطبيعي، ولجوء بعض المربين إلى قطف العسل باكراً وعدم ترك ما يكفي منه للخلية لتتغذى عليه في الشتاء.