ريان أو رسالة الطفولة المعذبة!

تابعت حادثة الطفل ريان، فأمام حادثة كهذه لا يملك الإنسان سوى التضامن، إنها البراءة، الطفل يخرج للعالم مزوداً بفضول المعرفة، يخوض غمار ومغامرة الوجود ببراءته الأولى، دعه يلعب، لا تتدخل، هل صدق إيميل جون جاك روسو؟ نعم، كنت أرى في ريان طفلاً يزاول مهامه الاستكشافية، في بيئة لا تأخذ بعين الاعتبار أن طفولتنا هي الأخرى تمشي على الأرض وهي في حالة استكشاف مفتوح، على بنياتنا التحتية أن تعمل على هذا الأساس.
لا أشك في تعاطف الناس والأهالي مع ريان، ولا أشك في أن جهوداً جبارة ومحترفة بذلت في سبيل إنقاذ الطفل من الجب، فهذه لحظة إنسانية مأساوية لا يمكن الاستهتار بها.
ذهب الطفل ريان ضحية البنيات التحتية الهشة، ضحية البرامج العرقوبية للجماعات المحلية التي ليس لها هدف أبعد من الاتجار في البشر انتخابياً.
ومع ذلك، مثل هذه الحوادث قد تقع في كل العالم، عالم لا زال يفاجئنا بمآسي الإنسان وحوادث المعذبين في الأرض، وفاة ريان قدر مقدور، لكن من المسؤول؟
أما الإعلام، فقد رافق الحدث، وكانت هناك رغبة في إنقاذ طفل بريء، لكن ريان لم يمنح وسائل الإعلام ميزة النهاية الجميلة، والاتجار في البشر إعلامياً، لقد رحل، وكشف عن أن الإعلام نفسه يستثمر في الوجع الإنساني.
في هذا العالم، وفي كل يوم، هناك أطفال أبرياء مثل ريان، تقتلهم البنيات التحتية الهشة، أو يقتلهم الجوع في إفريقيا، أو تبيدهم أسلحة العدوان بلا رحمة وبلا أي اعتبار للقانون الدولي.
كنت أرى في الطفل ريان أطفالاً تسقط البيوت فوق رؤوسهم، في مشهد تعودنا عليه، في أعمار مختلفة، من الرضيع حتى الطفل العشري، ولا إعلام يتابع تفاصيل مقاتلهم، ولا أحد يقف عند هذه المآسي الطفولية.
الطفل ريان نبهنا لذلك، وكأنه يقول: أنا الطفل ريان، أنبهكم إلى أن عشرات ومئات من نظرائي يموتون يومياً، انتبهوا للطفولة، إنها قبيلة واحدة، لا فصل عنصرياً بين طفولة وأخرى، أيها العالم، كن رحيماً مع الطفولة أينما كانت، في اليمن، في فلسطين، في سورية، في لبنان، وفي العراق، في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا.
الطفولة تئن، التفتوا إلى حقوق الطفل، في التمدرس والصحة والحرب، حماية الطفل من كل أشكال العدوان، والتهميش، ريان نموذج لطفولة ضائعة ومعذبة.
ريان بطل واجه قدره ببراءة، لا تبكوا ريان، فهو طفل من طيور الجنة، لكن ابكوا “الراشدين”، الذين فقدوا براءتهم ورحمتهم وعقولهم، ابكوا التفاهة وهي تزف نفسها بمفاهيم الحكمة الخالدة، ابكوا أولئك الذين لا رحمة في قلوبهم، ولكنهم أكثروا في قصائد الحزن والأنسنة بلا وزن ولا تفعيلة.
كاتب من المغرب

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار