كيف يتخطى المتقاعدون الأزمة النفسية بعد نهاية خدمتهم؟

يشعر المتقاعدون بأغلبيتهم أنهم مهمشون لمجرد نهاية خدمتهم، وينتابهم كل حين اليأس والحزن، فقد غدت حياة بعضهم مملة لا فائدة منها (من وجهة نظرهم طبعاً) فيظنون أن احترام الآخرين يقلّ لمجرد فقدهم ميزات وظيفتهم بعد التقاعد، واقتصرت حياة بعضهم على تسديد الفواتير وشراء مستلزمات المنزل.
برأيي اختصاصية الصحة النفسية د.غالية أسعيد: من المفترض أن يكون التقاعد عن العمل مرحلة جميلة من مراحل حياة الإنسان، فيها مطالب وضغوط أقل وأوقات أكثر لما يرغب القيام به .
لأنه أثناء العمل كان دائماً لا يجد الوقت الكافي، وهذا يتطلب أن يكون قد هيأ نفسه للتقاعد، ووضع برنامجاً لحياته، وما سيتغير عليه، وكيف يمضي ساعات الفراغ، ولكن مع الأسف فإن مجتمعنا لا ينظر للتقاعد بهذه النظرة ولا يهتم الإنسان لهذه المرحلة من العمر.
وتضيف، نجد الكثير من الناس ينتظرون التقاعد والتقاعد المبكر؛ ولكن ما هي إلا شهور حتى يدخلوا في الفراغ والعزلة، والشعور بعدم الأهمية وانقطاع التواصل الاجتماعي، وهذا ينعكس سلباً على الصحة النفسية والجسدية، وعلى العلاقات الأسرية والاجتماعية.
وتشير إلى أنه من الشائع أن يتوقف المتقاعد عن ممارسة أمور كثيرة عند ترك العمل، ويحدث لديه اضطراب في أوقات النوم والصحو والطعام، وعدم الالتزام بمواعيده .
مبينة أن هناك كثيراً من الأشخاص سواء كانوا رجالاً أو سيدات يعيدون تنظيم حياتهم بعد التقاعد، ويمارسون الرياضة والقراءة والتواصل الاجتماعي، ويدخلون في نشاطات تطوعية وخيرية وثقافية، ما يجعل تقاعدهم ممتعاً ومريحاً وإيجابياً على كل المستويات الأسرية والصحية والنفسية.
تقول حياة- موظفة متقاعدة: تقاعدت بعدما عملت أكثر من ثلاثين عاماً، وكنت في بادئ الأمر سعيدة، فقد تهيأ لي أن التقاعد راحة واستقرار، ولن يتذمر أولادي وزوجي من تأخر الغداء، لكن سرعان ما تبدد الفرح إلى ملل وكسل، غدت حياتي سلبية، بعدما كنت في قمة الإيجابية والنشاط والحيوية، أستيقظ بعد الظهر، وأعد الغداء، وأرتب البيت وأجلس مع جاراتي، أصبحت بلا فائدة ؛ وخصوصاً أن أولادي منشغلون بأعمالهم وأسرهم ولا أراهم إلا يوم الجمعة.
وتدعو حياة إلى ضرورة وجود برامج وآليات تهتم أكثر بالمتقاعدين، كأنشطة وفعاليات تقوم بها مؤسساتهم التي تقاعدوا منها مثل عمل جمعيات ترعاهم، وأن يستفيدوا من خبراتهم.
وتعود اختصاصية الصحة النفسية وتنصح المتقاعدين باتباع برنامج لحياتهم بعد التقاعد، يجنبهم الوقوع بمصيدة الاكتئاب والمشاكل الصحية ، من خلال البحث عن عمل آخر، وخصوصاً إذا كان المتقاعدون من أصحاب الكفاءة والخبرة ، فكثير من الشركات تحتاج لهم ولخبرتهم، لذا عليهم ألا يتوقفوا عن البحث عن فرص عمل جديدة، أو إنشاء مشاريع خاصة إذا كانت الحالة المادية تسمح بذلك، وإن لم تسمح فيمكن مشاركة أحد الأصدقاء المتقاعدين بمشروع ذي جدوى اقتصادية، للقضاء على حالة الملل والفراغ، وبذلك يحسن من صحته النفسية والاجتماعية والاقتصادية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار