عن اليمن وانتصاره
لا يوجد عاقل يتشبث بالحرب وهو يدرك أنها يوماً بعد يوم تتحول إلى تهديد يقوض المصير.. إن العقيدة الاستكبارية للحرب كما حددتها بعض وثائق الدفاع الفرنسية، تتحدث عن تفاوت عنصري بين من يملك حق الضرب ومن ليس له سوى حق تلقي الضرب من دون الرد.
هنا أحب أن أتحدث عما يمكن أن نسميه بالعدالة الحربية، لنقل بالأحرى: إن الحرب دول، يوم علي ويوم عليك، لكن الوثيقة إياها تتحدث عن أنواع الطيور التي تملك الحق في النقر، وعلى الطيور المستسلمة أن تتقبل ذلك من دون الرد.
إننا أمام الوضع الموضوعي للحرب، حيث صيرورة قواعد الاشتباك لها علاقة بتحولات مستوى وكفاءة الردع، اليوم نتحدث عن الخروج بماء الوجه من حرب اليمن، وهذا هو المؤشر الأكثر وضوحاً اليوم، وهي حقيقة تم تجاهلها منذ ظن خصوم اليمن بأن الحرب ستكون مجرد نزهة، اعتماداً على فائض التسلح وجودته، صمود اليمنيين ليس جديداً، بل هو الحقيقة الأكثر بدهية في التاريخ، كل ما في اليمن هو عامل مقاومة، فالشعب الذي يجعل من السلاح عنوان شرف، لا يمكن أن يستسلم للغزو.
لكن، ما يحيرني هو ما هو الشكل المنطقي لإنهاء الحرب وتأمين الكرامة لمن أطال أمد الحرب اعتماداً على عملاء ضعاف، وشروط جيوسياسية ملتبسة؟ هنا فقط نلاحظ أن الحرب كانت انتهاكاً للسياسة وليس استمراراً لها.
هؤلاء الحفاة الذين تكمن همتهم في خناجرهم، حفاة لأنهم ينحتون الصخر بأقدامهم، يتماهون مع تضاريسهم، آخر النوع البشري إنهماماً بالشرف، إن الخروج من دون ماء الوجه هو قدر حرب ظالمة، تنكرت لكل حسابات السياسة والجغرافيا وإنثربولوجيا الحرب.
حرب اليمن درس تاريخي لمن يظن أن الحرب نزهة، وبأنها قرار من جهة واحدة. الشرعية في اليمن هي لمن قاوم وحافظ على سيادة اليمن، هم الفدائيون الذين حولوا اليمن إلى مستنقع للغزاة، هم الذين وجدوا أنفسهم بكفاحهم في قلب معادلة التحرر الوطني وفي طليعة تقويض لعبة الأمم.
نستطيع من الآن، ووفقاً لكل المؤشرات، الحديث رسمياً عن انتصار تاريخي لليمن السعيد، وعلى هذا الشعب أن يستعد لترسيم انتصاراته.
كاتب من المغرب