«لاتسكتي».. لتوعية المعنفات بحقوقهن
سجلت الآونة الأخيرة حدوث العديد من الجرائم وحالات العنف الموجهه إلى المرأة في المجتمع السوري ؛ لم تكن أولى الجرائم ولا آخرها، ومع تفاعل أطياف المجتمع واستهجانهم، أطلقت وزارة الإعلام والهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان حملة (لا تسكتي) للتوعية بقضايا العنف، وخاصة الأسري منها، والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
د. سمر علي علم اجتماع جامعة دمشق بيّنت أن هذه الحملة تهدف إلى توعية المعنفات بحقوقهن، التي يضمنها ويصونها القانون، والخدمات وطرق المساعدة المتاحة في وحدة حماية الأسرة، بالإضافة إلى توعية المجتمع بضرورة مناهضة العنف بكل أشكاله، ولاسيما العنف الموجه ضد المرأة، والإبلاغ عن أي حالة من دون تردد أو خوف، تحت غطاء المعتقدات الاجتماعية البالية، التي كانت تجعل المرأة مكرسة لخدمة زوجها وأسرته، وحتى أهلها تحت أي ظروف يمكن أن تسيء إلى كرامتها وإنسانيتها، ويمكن أن يؤدي إلى العنف الجسدي والقتل أحياناً.
وهنا تتساءل د.علي فيما إذا كان يكفي أن نجتمع ونعقد اللقاءات والمؤتمرات هنا وهناك، ونطلق الحملة تلو الأخرى؟
فمنذ فترة ليست طويلة شهدنا خمسة العشر يوماً لمناهضة العنف الموجه ضد المرأة خلال شهر كانون الأول الماضي ٢٠٢١.
هل تكفي عدة أيام في العام لتوعية المجتمع بأهمية وخطورة العنف الأسري، في تهديد كيان المجتمع، فإذا كانت المرأة نصف المجتمع، فهي تقوم بتربية النصف الآخر، ومن الضروري بمكان أن تتمتع بحقوقها وإنسانيتها، وحالة نفسية مستقرة متوازنة تدرك مالها وما عليها من حقوق وواجبات؛ فالأم الواعية بنفسها قادرة على تربية أطفال متوازنين يتمتعون بصحة جسدية ونفسية جيدة والعكس صحيح.
وتبين د علي أن موضوع مناهضة العنف الأسري، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وبالمحصلة جميع أشكال العنف من أهم أولويات بناء وإعادة إعمار الإنسان؛ وهي مسؤولية مجتمعية ملقاة على كاهل جميع المؤسسات، والمنظمات والهيئات الحكومية والخاصة والدينية والسياسية والحقوقية، للعمل ضمن منهجية وخطط مدروسة، لإعادة التفكير بطرق أكثر فاعلية لحماية الأفراد من العنف، وتالياً تعديل أو إضافة نصوص قانونية، وعقوبات ليس من السهل بمكان تجاوزها، أو الاستفادة من ثغرات قانونية ما.
يتوجب عدم التساهل هنا، والبدء بتقديس إنسانية الفرد – المرأة- الرجل- الطفل على حد سواء، ويمكن البدء بالتوعية حول مخاطر العنف وآليات مكافحته ضمن المدارس والجامعات، والمناهج الدراسية وفي قوانين ودساتير العمل، وفي مدونات السلوك في كل تجمع أو هيئة أو منظمة أو مؤسسة.
كما يجب تفعيل العمل الميداني للجمعيات المعنية بحقوق وحماية المرأة، بعد سنوات من العمل المكتبي، ومحاولة وضع بصمات واضحة وحقيقية في مجال تمكين المرأة، ومنحها البيئة المثالية لتفتح قدراتها وإمكاناتها، في بناء وازدهار الأسرة والمجتمع.