أمريكا وبيل مينر وسرقة النفط السوري!
يعتبر بيل مينر /Bill Miner/ من أشهر لصوص العالم، وكان يصرف قيمة مسروقاته على ملذاته الشخصية في قاعات الرقص والشرب من دون أي اعتبار لآلام وعذابات المسروقين!.. ومع الزمن تحول إلى (قاطع طريق) يسرق كل شيء، وكان يسوق لنفسه بشعارات تدعو إلى الإنسانية فكان يقول دائماً كلاماً معسولاً وخاصة جملته المعروفة بعد كل سطو:«ارفع يدك للأعلى وعندها لن يتأذى أحد!».
ما أبشع ارتكاب الجريمة مع ادعاء العفة!.. كم يشبه هذا سطو الإدارة الأمريكية على النفط السوري وممارستها الإرهاب الاقتصادي من عقوبات وحصار جائرين مفروضين من طرف واحد على شعب أقدم حضارة في العالم، ما سبب تراجعاً في الموارد وضيقاً في العيش وخاصة المحروقات في هذا الشتاء البارد.. إنها جريمة لا توصف ويشمئز منها الإحساس والضمير البشري، ومع استمرار سرقة الثروات السورية من الإدارة الأمريكية وعصاباتها وعملائها، فإنها تخطط لزيادة الأعباء الاقتصادية والمعيشية على سورية التي تنوب عن العالم بأكمله في مواجهة الإرهاب، وتؤكد الوقائع أنه بتاريخ 9/1/2022 قامت قوات الاحتلال الأميركي بالتعاون مع ميلشيا «قسد» الانفصالية بتركيب مصفاة تكرير للنفط بطاقة يومية تزيد على /3000/ برميل يومياً وبما يعادل حوالي /100/ ألف برميل شهرياً في منطقة حقول الرميلان في محافظة الحسكة شرق سورية والتي تعتبر من أغنى المناطق السورية أي إنها سرقة ممنهجة ويباع النفط المسروق في السوق العالمية عن طريق ممثل شركة (Delta Crescent Energy) وقد بدأت هذه الشركة بالتنسيق مع ميليشيا “قسد” منذ سنة /2020/ بالسطو على الثروة السورية بشكل عام وعلى النفط بشكل خاص وبإشراف مباشر من ممثل” قسد” المدعو مظلوم عبدي.
وعبدي هو فرخ أمريكا المدلل ومتزعم لما يسمى مجلس سورية الديمقراطية «مسد» مع إلهام أحمد التي فوضت رجل الأعمال الصهيوني موتي كاهانا الناشط في المنظمات الصهيونية العالمية وخاصة «أيباك» والذي تتكرر زياراته للجزيرة السورية عن طريق تركيا.. فوضته بتمثيل «مسد» في كل الاجتماعات المتعلقة ببيع النفط السوري المسروق مع الشركة المذكورة التي تعتبر من أكبر الشركات الأمريكية في ارتكاب المخالفات القانونية والمالية، وبدأت بسرقة النفط من شهر تشرين الثاني سنة /2020/ وقد وصلت كمية النفط المسروقة في شهر شباط سنة /2021 إلى /60/ ألف برميل يومياً، والآن تؤسس مصفاةً لاستمرار أعمال السطو.
وتعتبر حقول الرميلان وتوابعها من أشهر الحقول النفطية السورية وتسيطر عليها ميليشيا قسد المدعومة أمريكياً.
وكانت حقول الرميلان تنتج بحدود /100/ ألف برميل قبل الحرب الإرهابية على سورية تشكل من إنتاج سورية البالغ /385/ ألف برميل نسبة بحدود /26%/.. وسياسة بايدن الحالية هي استمرار لسياسة سلفه ترامب، وهذا يؤكد أنه لا فرق بين الحزبين في آلية استغلال الشعوب، وأن خلافاتهما هي على قضايا أمريكية داخلية فقط.
ولكن يبقى السؤال: لماذا هذا الإجراء الأمريكي الآن؟
أنا أعتقد أنه يأتي ضمن السياق الطبيعي لخطط المحتلين، الأمريكي والتركي، وعصاباتهما من قسد وداعش، وعلاقاتهما هي علاقة الأصيل بالوكيل.
وقد ظهرت بعض معالم هذه الجريمة منذ اجتماع اللجنة الدستورية الأخيرة في العاصمة الكازاخية نور سلطان (21 و22 كانون الأول الماضي) ومن خلال عدد من المؤشرات ومنها مثلاً:
– زيادة حدة الحقد الأمريكي على سورية مع كل نجاح تحققه الدولة السوريّة، وخاصة عودة العلاقات بينها وبين عدد من الدول العربية والأجنبية.
– زيادة النبرة الروسية المنتقدة لإجراءات المعارضات السورية المنبطحة في الأحضان الأمريكية والتركية والصهيونية.
– وقوف أمريكا والمعارضات ضد تسوية الأوضاع للكثير من السوريين أو التقارب العربي من سورية وعودة العلاقات الطبيعية بين سورية والكثير من دول العالم.. إلخ.
ولكن أن تصل درجة الحقد والاستغلال إلى مستوى أن ترسل مصفاة تكرير للنفط المسروق إلى عملائها وعصاباتها فهذا أمر مخالف لكل قوانين الشرعية الدولية ويتم هذا بالتوازي مع سرقة عشرات الصهاريج المحملة بالنفط ونقلها إلى الأراضي العراقية وهو استخدام لمنطق القوة الأمريكي بدلاً من قوة المنطق الدولية!.
وقد عبرّ عن ذلك الكثير من الباحثين الأمريكيين ومنهم السيد بروس ريديل، المستشار السابق في الأمن القومي الأمريكي، والباحث حالياً في معهد بروك نجر، رداً على تصريح ترامب الشهير حول النفط السوري والمجاهرة بسرقته.
ويصف ريديل هذا التصريح لترامب بقوله: «هذه الخطوة ليست مجرد خطوة قانونية مريبة، بل إنها ترسل كذلك رسالة إلى المنطقة بأسرها والعالم بأن أمريكا تريد سرقة النفط».
ثم جاء جو بايدن ليستمر في هذه العقلية الاستعمارية المقيتة، ما يؤكد أن الولايات المتحدة لن تخرج من المنطقة إلا بمنطق القوة والإجبار، فهي لا تفهم إلا لغة القوة، وتاريخها يشهد على ذلك.