الأزمات الاقتصادية تستهلك مجهود حرفييها حرفة تفريغ النحاس عراقة دمشقية مطعّمة بالعنصر النسائي

في ظل الأزمات الاقتصادية التي تستهلك مجهود الحرف اليدوية المتنوعة في دمشق وريفها، تعد حرفة تشكيل النحاس إحدى الحرف العريقة ذات التاريخ الممتد إلى القرن السابع عشر قبل الميلاد والتي تناضل للبقاء بمجهود حرفييها من النساء والرجال.
العائد المالي من العمل في هذه الحرفة كان قبل الحرب الإرهابية على بلدنا مزدهراً جداً، حيث تلقى المنتجات النحاسية اليدوية الدمشقية رواجاً كبيراً في المنطقة والعالم، لكن الحال انقلبت اليوم ليس لأن الحرفة فقدت بريقها، بل بسبب تأثرها بعوامل نقص المواد الأولية وشح موارد الطاقة وارتفاع أسعار المنتجات النحاسية وخاصة الثريات منها التي يتجاوز سعر بعضها عشرة ملايين ليرة سورية وبالتالي صعوبة اقتنائها في المنازل في ظل الضائقة المعيشية الحالية.
ورغم التهديدات التي تواجه الحرفيين العاملين بهذه الحرفة يؤكد زياد الشايب (شيخ كار) بحرفة تفريغ النحاس والثريات النحاسية الشرقية لـ«تشرين» أن هذه الحرفة حافظت على عراقتها بعد أن بنت مجداً كبيراً في دمشق وريفها وتطعمت بدخول العنصر النسائي الذي أغناها دقة و إبداعاً.
ويروي الشايب الصعوبات التي تعترض عملهم اليومي من نقص موارد الطاقة والمحروقات، مؤكداً أنه بعد تزويد فرع اتحاد حرفيي دمشق ورشته بما يقارب مئة ليتر من المازوت مع أسطوانة غاز تمكن من الاستمرار في العمل لكن بمجرد استهلاكها سيطلب من الحرفيين العاملين معه التوقف عن العمل.
وعبّر عن أمله بألا تصل هذه الحرفة المتوارثة في عائلته أباً عن جد إلى الاندثار لأنها تواجه صعوبات كبيرة، مؤكداً ضرورة وجود أسواق خارجية لتصريف الإنتاج.
وتحدث الشايب عن دخول العنصر النسائي إلى هذه الحرفة ما مهّد إلى تعلم المزيد من السوريات للحرف المتنوعة وحمايتها من الاندثار، واصفاً عمل السيدة السورية بأنه بقمة الإبداع، كما أنها تجاوزت الرجال الحرفيين بالإنتاج والدقة والقدرة على المنافسة العالية لكونها متفانية وصبورة وطموحة، موضحاً أن هذه الحرفة مثل أي حرفة يدوية تستطيع السيدة العمل بها، فلا توجد فيها أوزان تثقل كاهلها.
وتابع الشايب: استطاعت المرأة بعد انخراطها بهذه الحرفة تحقيق الاكتفاء الذاتي مادياً لما تؤمنه لها من دخل جيد يسندها مع عائلتها.
كذلك تحدث الشايب عن استقطاب جزء لا بأس به لتعلم هذه الحرفة والعمل بها من أصحاب الاحتياجات الخاصة (صم وبكم)، وأشاد بقدرتهم الكبيرة على الإنتاج والمحافظة على استمرارية هذه الحرفة، مشيراً إلى دور حاضنة دمر المركزية للفنون الحرفية في مواصلة تعليم الحرف التراثية وتأمين فرص عمل للراغبين بذلك.
يشار إلى أن حرفة النحاس لها أبواب عديدة، وهي تشكيل النحاس والطّرق وتفريغ النحاس والضغط على النحاس.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار