سِياط الأسئلة

يَصحُ تشبيهها بالسِياط أو ربما كان السقوط في مصعد، تشبيهاً أكثر دقة، كأنّ هاويةً ما تنفتح في نهاية الحلق وأعلى الصدر، يرتد فيها صدىً ثقيلٌ، لا هو بالبكاء، وليس صراخاً بالتأكيد، كلّ ما في الأمر أنّ منشاراً يحزُّ العظم، ماذا نسمي هذا الصوت فيما لو كان شعوراً بمرتبة سؤال؟.
لماذا؟
السؤال المتاهة: لماذا لم تُخبِر آيات الرفاعي أهلها بما كانت تتعرض له على أيدي القتلة؟، لماذا نفهم ونتجاهل ما نشعره حقاً؟، لماذا نبتسم حين يقلل صديقٌ قديم من شأننا؟، لماذا نرقص على أنغام أغنيةٍ لا نفهم كلماتها؟، ولماذا نغفر لمن لا يستحق؟، لماذا لم يردوا على رسائلنا؟، لماذا نبكي؟.
متى؟
السؤال المنسي غالباً، لأن زمنه انتهى منذ بدأت “لماذا” تحفر مستخدمةً سكيناً سميكة: متى كان عليّ الانسحاب؟، متى تحوّلت “صباح الخير” إلى عبء؟، متى كان اللقاء الأول بينهما؟.
من؟
السؤال الذي لا تعنيه تراتبية السقوط، الرأس أم الذراع أم الدمع أم اليد التي انتظرت مصافحته طويلاً: من أنا؟، من الوجه الممتلئ في المرآة؟، من الكاتب ولمن كانت الكلمات؟، من بدأ أولاً؟، من أرادك حقاً؟، من عرفك ومن ظننت أنك تعرفه؟، من رأى نفسه في الأعلى وتوهّم أننا في الأسفل؟.
ماذا؟
السؤال الأبعد عن الاستفهام، والأقرب لعدم الرغبة في الفهم، لذا تختلط فيه كل الأسئلة، ولا تلبث أن تتحول إلى شتائم ونوبات غضب وسخط، وبعد أعوام تصبح ذكرياتٍ مُبعدة، تُوضع في صندوقٍ حديدي وتُرمى إلى البعيد، حيث لا أحد سوى من كنا يوماً.
أين؟
السؤال متباين الأهمية أو تتباين أهميته تبعاً للتفاصيل، تغلبه “لماذا” و”مَنْ”، يحلو له أحياناً أن يفرض نفسه، فتمشي القدمان إلى حيث كانتا يوماً، في حديقة أو شارع أو بيت أو سينما، ويحلو له مرّات أن يتناسى، فتمشي القدمان إلى حيث كانتا يوماً برفقة آخرين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار